الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } * { إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

الضّير مرادف الضرّ، يقال ضَاره بتخفيف الراء يضِيره، ومعنى { لا ضير } لا يضرنا وعيدك. ومعنى نفي ضره هنا أنه ضر لحظة يحصل عقبه النعيم الدائم فهو بالنسبة لما تعقبه بمنزلة العدم. وهذه طريقة في النفي إذا قامت عليها قرينة. ومنها قولهم هذا ليسَ بشيء، أي ليس بموجود، وإنما المقصود أن وجوده كالعدم. وجملة { إنا إلى ربنا منقلبون } تعليل لنفي الضير، وهي القرينة على المراد من النفي. والانقلاب الرجوع، وتقدم في سورة الأعراف. وجملة { إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطيانا } بيان للمقصود من جملة { إنا إلى ربنا منقلبون }. والطمع يطلق على الظن الضعيف، وعُرِّف بطلب ما فيه عسر. ويطلق ويراد به الظن كما في قول إبراهيموالذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } الشعراء 82، فهذا الإطلاق تأدّب مع الله لأنه يفعل ما يريد. وعلّلوا ذلك الطمع بأنهم كانوا أول المؤمنين بالله بتصديق موسى عليه السلام، وفي هذا دلالة على رسوخ إيمانهم بالله ووعده.