الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }

استئناف ابتدائي جواباً على قولهمكما أرسل الأولون } الأنبياء 5، والمعنى أن الأمم التي أرسل إليها الأولون ما أغنت فيهم الآيات التي جاءتهم كما وددتُم أن تكون لكم مثلها فما آمنوا، ولذلك حق عليهم الإهلاك فشأنكم أيها المشركون كشأنهم. وهذا كقوله تعالىوما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } في سورة الإسراء 59.وإنما أمسك الله الآيات الخوارق عن مشركي مكة لأنه أراد استبقاءهم ليكون منهم مؤمنون وتكون ذرياتهم حملة هذا الدين في العالم، ولو أرسلت عليهم الآيات البينة لكانت سنة الله أن يعقبها عذاب الاستئصال للذين لا يؤمنون بها.و ما نافية. و من في قوله تعالى { من قرية } مزيدة لتأكيد النفي المستفاد من حرف ما.ومتعلق { آمنت } محذوف دل عليه السياق، أي ما آمنت بالآيات قرية.وجملة { أهلكناها } صفة لــــ { قرية، } وردت مستطردة للتعريض بالوعيد بأن المشركين أيضاً يترقبون الإهلاك.وذُكرت القرية هنا مراداً بها أهلها ليبنى عليها الوصف بإهلاكها لأن الإهلاك أصاب أهل القرى وقراهم، فلذلك قيل { أهلكناها } دون أهلكناهم كما في سورة الكهف 59وتلك القرى أهلكناهم } وفرعت جملة { أفهم يؤمنون } على جملة { ما آمنت قبلهم من قرية } مقترنة باستفهام الإنكار، أي فهم لا يؤمنون لو أتيناهم بآية كما اقترحوا كما لم يؤمن الذين من قبلهم الذين جعلوهم مثالاً في قولهمكما أرسل الأولون } الأنبياء 5 وهذا أخذ لهم بلازم قولهم.