الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

لما ذكروا بالعناد والمكابرة أتبع بالتعريض بتهديدهم على ذلك بتذكيرهم بالأمم التي استأصلها الله لجبروتها وتعنّتها لتكون لهم قياساً ومثلاً. فالجملة معطوفة على جملةفإنما يسرناه بلسانك } مريم 97 باعتبار ما تضمنته من بشارة المؤمنين ونذارة المعاندين، لأنّ في التعريض بالوعيد لهم نذارة لهم وبشارة للمؤمنين باقتراب إراحتهم من ضرّهم.و { كم } خبرية عن كثرة العدد.والقرن الأمة والجيل. ويطلق على الزّمان الذي تعيش فيه الأمّة، وشاع تقديره بمائة سنة. و { من } بيانية، وما بعدها تمييز { كم }.والاستفهام في { هل تُحسّ منهم من أحد } إنكاري، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - تبعاً لقوله { فإنما يسرناه بلسانك } أي ما تُحسّ، أي ما تشعر بأحد منهم. والإحساس الإدراك بالحس، أي لا ترى منهم أحداً.والركز الصوت الخفيّ، ويقال الرز، وقد روي بهما قول لبيد
وتَوَجّسَتْ رِكْزَ الأنيس فراعها عن ظهر عيب والأنيس سَقامُها   
وهو كناية عن اضمحلالهم، كني باضمحلال لوازم الوجود عن اضمحلال وجودهم.