الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً }

تذييل لآيةمن كان يريد العاجلة } إلى آخرها الإسراء 18. وهذه الآية فذلكة للتنبيه على أن الله تعالى لم يترك خلقه من أثر رحمته حتى الكفرة منهم الذين لا يؤمنون بلقائه فقد أعطاهم من نعمة الدنيا على حسب ما قدر لهم وأعطى المؤمنين خيري الدنيا والآخرة. وذلك مصداق قولهورحمتي وسعت كل شيء } الأعراف 156 وقوله فيما رواه عنه نبيُّه " إن رحمتي سبقت غضبي " وتنوين { كلا } تنوين عوض عن المضاف إليه، أي كل الفريقين، وهو منصوب على المفعولية لفعل { نمد }. وقوله { هؤلاء وهؤلاء } بدل من قوله { كلا } بدل مفصل من مجمل. ومجموع المعطوف والمعطوف عليه هو البدل كقول النبي صلى الله عليه وسلم " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " والمقصود من الإبدال التعجيب من سعة رحمة الله تعالى. والإشارة بــــ { هؤلاء } في الموضعين إلى من كان يريد العاجلة ومن أراد الآخرة. والأصل أن يكون المذكور أولَ عائداً إلى الأول إلا إذا اتصل بأحد الاسمين ما يعين معاده. وقد اجتمع الأمران في قول المتلمس
ولا يقيم على ضَيم يراد به إلا الأذلان عير الحي والوَتد هذا على الخسْف مربوط برُمته وذا يشج فلا يرثي له أحد   
والإمداد استرسال العطاء وتعاقبه. وجعل الجديد منه مدداً للسالف بحيث لا ينقطع. وجملة { وما كان عطاء ربك محظوراً } اعتراض أو تذييل، وعطاء ربك جنس العطاء، والمحظور الممنوع، أي ما كان ممنوعاً بالمرة بل لكل مخلوق نصيب منه.