الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }

عطف على جملةولو أن قرآناً سيرت به الجبال } سورة الرعد 31 الخ، لأن تلك المُثُل الثلاثة التي فرضت أريد بها أمور سألها المشركون النبي استهزاءً وتعجيزاً لا لترقب حصولها. وجاءت عقب الجملتين لما فيها من المناسبة لهما من جهة المُثل التي في الأولى ومن جهة الغاية التي في الثانية. وقد استهزأ قوم نوح به عليه السلاموكُلّما مَرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه } سورة هود 38، واستهزأت عاد بهود عليه السلامفأسقِط علينا كِسْفاً من السماء إن كنتَ من الصادقِين } سورة الشعراء 187، واستهزأت ثمود بصالح عليه السلامقال الملأ الّذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة } سورة الأعراف 66، واستهزأوا بِشُعيْب عليه السلامقالوا يا شُعيب أصلاتك تأمُرك أن نتْرك ما يَعبد آبَاؤنَا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرشيد } سورة هود 87، واستهزأ فرعون بموسى عليه السلامأم أنا خير من هذا الّذي هو مَهين ولا يكاد يبين } سورة الزخرف 43. والاستهزاء مبالغة في الهَزْء مثل الاسْتسْخار في السخرية. والإملاء الإمهال والتركُ مدة. ومنه واهجرني ملياً. وتقدم في قوله تعالىوالذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم } في سورة الأعراف 182. والاستفهام في فكيف كان عقاب للتعجيب. و عقاب أصله عقابي مثل ما تقدم آنفاً في قوله { وإليه متاب }. والكلام تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ووعيد للمشركين.