الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

جعلت جملة { قال بل سولت } في صورة الجواب عن الكلام الذي لقّنه أخوهم على طريقة الإيجاز. والتقدير فرجعوا إلى أبيهم فقالوا ذلك الكلام الذي لَقّنه إيّاهم روبين قال أبوهم { بل سولت... } الخ. وقوله هنا كقوله لهم حين زعموا أن يوسف ــــ عليه السلام ــــ أكله الذئب، فهو تهمة لهم بالتغرير بأخيهم. قال ابن عطية ظنّ بهم سوءاً فصدق ظنّه في زعمم في يوسف ــــ عليه السلام ــــ ولم يتحقق ما ظنّه في أمر بنيامين، أي أخطأ في ظنه بهم في قضية بنيامين، ومستنده في هذا الظن علمه أن ابنه لا يسرق، فعلم أن في دعوى السرقة مكيدة. فظنه صادق على الجملة لا على التفصيل. وأما تهمته أبناءه بأن يكونوا تمالؤوا على أخيهم بنيامين فهو ظن مستند إلى القياس على ما سبق من أمرهم في قضية يوسف ــــ عليه السلام ــــ فإنه كان قال لهمهل آمنكم عليه إلا كما أمِنتكم على أخيه من قبل } سورة يوسف 64. ويجوز على النبي الخطأ في الظنّ في أمور العادات كما جاء في حديث ترك إبّار النخل. ولعله اتّهم روبين أن يكون قد اختفى لترويج دعوى إخوته. وضمير { بهم } ليوسف ــــ عليه السلام ــــ وبنيامين وروبين. وهذا كشف منه إذ لم ييأس من حياة يوسف ــــ عليه السلام ــــ. وجملة { إنه هو العليم الحكيم } تعليل لرجائه من الله بأن الله عليم فلا تخفى عليه مواقعهم المتفرقة. حكيم فهو قادر على إيجاد أسباب جمعهم بعد التفرق.