الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

عطف على جملةوجاءك في هذه الحق } هود 120 الآية، لأنّها لما اشتملت على أنّ في هذه القصة ذكرى للمؤمنين أمَر بأن يخاطب الذين لا يؤمنون بما فيها خطاب الآيِس من انتفاعهم بالذكرى الذي لا يعبأ باعراضهم ولا يصدّه عن دعوته إلى الحقّ تألبهم على باطلهم ومقاومتهم الحق. فلا جرم كان قوله { وقل للذين لا يؤمنون } عديلاً لقولهوموعظة وذكرى للمؤمنين } هود 120. وهذا القول مأمور أن بقوله على لسانه ولسان المؤمنين. وقوله { اعملوا على مكانتكم إنّا عاملون } هو نظير ما حكي عن شعيب ـ عليه السّلام ـ في هذه السورة آنفاً. وضمائر { إنّا عاملون } { وإنّا منتظرون } للنبي والمؤمنين الذين معه. وفي أمر الله رسوله بأن يقول ذلك على لسان المؤمنين شهادة من الله بصدق إيمانهم. وفيه التفويض إلى رأس الأمّة بأن يقطع أمراً عن أمته ثقة بأنّهم لا يردّون فعله. " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهوازن لما جاءوا تائبين وطالبين رَدّ سباياهم وغنائمهم «اختاروا أحدَ الأمرين السبيَ أو الأموال» " فلمّا اختاروا السبي رجع السبي إلى أهله ولم يسْتشر المسلمين، ولكنّه جعل لمن يُطيب ذلك لهوازن أن يكون على حقه في أوّل ما يجيء من السبي، فقال المؤمنون طيّبنا ذلك. وقوله { وانتظروا إنّا منتظرون } تهديد ووعيد، كا يقال في الوعيد سوف ترى.