الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }

{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } إشارة إلى إهانتهم بعد الموت. أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: " لما توفي عبد الله بن أبـي ابن سلول جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه / فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خيرني الله فقال: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً } [التوبة: 80] وسأزيده على السبعين قال: إنه منافق قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه: { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم } الآية ". وفي رواية أخرى له " عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب أنه لما مات عبد الله بن أبـي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فلما قام وثبت إليه فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبـي وقد قال يوم كذا كذا وكذا أعدد عليه قوله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " أخر عني يا عمر " فلما أكثرت عليه قال: " أخر عني لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها " قال فصلي عليه عليه الصلاة والسلام ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم } إلى قوله: { وَهُمْ فَـٰسِقُونَ } فعجبت من جراءتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر هذين الخبرين أنه لم ينزل بينٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْلاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [التوبة: 80]، وقوله تعالى: { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم } شيء ينفع عمر رضي الله تعالى عنه وإلا لذكر، والظاهر أن مراده بالنهي في الخبر الأول ما فهمه من الآية الأولى لا ما يفهم كما قيل من قوله تعالى:مَا كَانَ لِلنَّبِيّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } [التوبة: 113] لعدم مطابقة الجواب حينئذ كما لا يخفى.

وأخرج أبو يعلى وغيره عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على ابن أبـي فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال: { وَلاَ تُصَلّ } الآية، وأكثر الروايات أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وأن عمر رضي الله تعالى عنه أحب عدم الصلاة عليه وعد ذلك أحد موافقاته للوحي وإنما لم ينه صلى الله عليه وسلم عن التكفين بقميصه ونهى عن الصلاة عليه لأن الضنة بالقميص كانت مظنة الإخلال بالكرم على أنه كان مكافأة لقميصه الذي ألبسه العباس رضي الله تعالى عنه حين أسر ببدر فإنه جيء به رضي الله تعالى عنه ولا ثوب عليه وكان طويلاً جسيماً فلم يكن ثوب بقدر قامته غير ثوب ابن أبـي فكساه إياه، وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أنهم ذكروا القميص بعد نزول الآية فقال عليه الصلاة والسلام:

السابقالتالي
2 3