الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }

{ وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ } أي المجاهرين فهو من عطف المغار، وقد يكون من عطف العام على الخاص { نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حال مقدرة من مفعول { وَعَدَ } أي مقدرين الخلود، قيل: والمراد دخولهم وتعذيبهم بنار جهنم في تلك الحال لما يلوح لهم يقدرون الخلود في أنفسهم فلا حاجة لما قاله بعضهم من أن التقدير مقدري الخلود بصيغة المفعول. والإضافة إلى الخلود لأنهم لم يقدروه وإنما قدره الله تعالى لهم، وقيل: إذا كان المراد يعذبهم الله سبحانه بنار جهنم خالدين لا يحتاج إلى التقدير، والتعبير بالوعد للتهكم نحو قول سبحانه:فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آل عمران: 21].

{ هِىَ حَسْبُهُمْ } عقاباً وجزاء أي فيها ما يكفي من ذلك، وفيه ما يدل على عظم عقابها وعذابها فإنه إذا قيل للمعذب كفى هذا دل على أنه بلغ غاية النكاية { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أي أبعدهم من رحمته وخيره وأهانهم؛ وفي إظهار الاسم الجليل من الإيذان بشدة السخط ما لا يخفى { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي نوع من العذاب غير عذاب النار دائم لا ينقطع أبداً فلا تكرار مع ما تقدم، ولا ينافي ذلك { هِىَ حَسْبُهُمْ } لأنه بالنظر إلى تعذيبهم بالنار، وقيل: في دفع التكرار إن ما تقدم وعيد وهذا بيان لوقوع ما وعدوا به على أنه لا مانع من التأكيد، وقيل: إن الأول عذاب الآخرة وهذا عذاب ما يقاسونه في الدنيا من التعب والخوف في الفضيحة والقتل ونحوه، وفسرت الإقامة بعدم الانقطاع لأنها من صفات العقلاء فلا يوصف بها العذاب فهي مجاز عما ذكر. وجوز أن يكون وصف العذاب بها كما في قوله تعالى:عيشةٍ رَّاضِيَةٍ } [القارعة: 7] فالمجاز حينئذ عقلي.