{ الْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } أي متشابهون في النفاق كتشابه أبعاض الشيء الواحد، والمراد الاتحاد في الحقيقة والصورة كالماء والتراب، والآية متصلة بجميع ما ذكر من قبائحهم، وقيل: هي متصلة بقوله تعالى:{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } [التوبة: 56] والمراد منها تكذيب قولهم المذكور وإبطال له وتقرير لقوله سبحانه:{ وَمَا هُم مّنكُمْ } [التوبة: 56] وما بعد من تغاير صفاتهم وصفات المؤمنين كالدليل على ذلك، و { مِنْ } على التقريرين اتصالية كما في قوله عليه الصلاة والسلام: " أنت مني بمنزلة هٰرون من موسى " والتعرض لأحوال الإناث للإيذان بكمال عراقتهم في الكفر والنفاق { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } أي بالتكذيب بالنبـي صلى الله عليه وسلم { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } أي شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما أنزل الله تعالى كما أخرجه ابن أبـي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وأخرج عن أبـي العالية أنه قال: كل منكر ذكر في القرآن المراد منه عبادة الأوثان والشيطان، ولا يبعد أن يراد بالمنكر والمعروف ما يعم ما ذكر وغيره ويدخل فيه المذكور دخولاً أولياً، والجملة استئناف مقرر / لمضمون ما سبق مفصح عن مضادة حالهم لحال المؤمنين أو خير ثان { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن الإنفاق في طاعة الله ومرضاته كما روي عن قتادة والحسن، وقبض اليد كناية عن الشح والبخل كما أن بسطها كناية عن الجود لأن من يعطي يمد يده بخلاف من يمنع، وعن الجبائي أن المراد يمسكون أيديهم عن الجهاد في سبيل الله تعالى وهو خلاف الشائع في هذه الكلمة. { نَسُواْ ٱللَّهَ } النسيان مجاز عن الترك وهو كناية عن ترك الطاعة فالمراد لم يطيعوه سبحانه { فَنَسِيَهُمْ } منه لطفه وفضله عنهم، والتعبير بالنسيان للمشاكلة { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ هُمُ الْفَـٰسِقُونَ } أي الكاملون في التمرد والفسق الذي هو الخروج عن الطاعة والانسلاخ عن كل [خير] حتى كأنهم الجنس كله، ومن هنا صح الحصر المستفاد من الفصل وتعريف الخبر وإلا فكم فاسق سواهم. والإظهار في مقام الإضمار لزيادة التقرير، ولعله لم يذكر المنافقات اكتفاء بقرب العهد، ومثله في نكتة الاظهار قوله سبحانه: { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ... }.