الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمُزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } أي يعيبك في شأنها. وقرأ يعقوب { يلمزك } بضم الميم وهي قراءة الحسن والأعرج، وقرأ ابن كثير { يلامزك } هو من الملامزة بمعنى اللمز، والمشهور أنه مطلق العيب كالهمز، ومنهم من فرق بينهما بأن اللمز في الوجه والهمز في الغيب وهو المحكي عن الليث وقد عكس أيضاً وأصل معناه الدفع { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } بيان لفساد لمزهم وأنه لا منشأ له إلا حرصهم على حطام الدنيا أي إن أعطيتهم من تلك الصدقات قدر ما يريدون { رَضُواْ } بما وقع في القسمة واستحسنوا علك { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا } ذلك المقدار { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي يفاجئون السخط، و { إِذَا } نابت مناب فاء الجزاء وشرط لنيابتها عنه كون الجزاء جملة اسمية، ووجه نيابتها دلالتها على التعقيب كالفاء، وغاير سبحانه بين جوابـي الجملتين إشارة إلى أن سخطهم ثابت لا يزول ولا يفنى بخلاف رضاهم. وقرأ أياد بن لقيط { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } و " الآية نزلت في ذي الخويصرة واسمه حرقوص بن زهير التميمي جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم هوازن يوم حنين فقال: يا رسول الله اعدل فقال عليه الصلاة والسلام: " ومن يعدل إذا لم أعدل " فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: " دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " الحديث. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: لما قسم النبـي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين سمعت رجلاً يقول: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله تعالى فأتيت النبـي عليه الصلاة والسلام فذكرت ذلك له فقال: " رحمة الله تعالى على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر " ونزلت الآية. / وأخرج ابن جرير وغيره عن داود بن أبـي عاصم قال: «أوتي النبـي صلى الله عليه وسلم بصدقة فقسمها هٰهنا وهٰهنا حتى ذهبت ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل فنزلت»، وعن الكلبـي أنها نزلت في أبـي الجواظ المنافق قال: ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاء الغنم ويزعم أنه يعدل. وتعقب هذا ولي الدين العراقي بأنه ليس في شيء من «كتب الحديث»، وأنت تعلم أن أصح الروايات الأولى إلا أن كون سبب النزول قسمته صلى الله عليه وسلم للصدقة على الوجه الذي فعله أوفق بالآية من كون ذلك قسمته للغنية فتأمل.