الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً }

{ وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ } أي لا تتركوا عبادتها على الإطلاق إلى عبادة رب نوح عليه السلام { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } أي ولا تتركوا عبادة هؤلاء خصوها بالذكر مع اندراجها فيما سبق لأنها كانت أكبر أصنامهم ومعبوداتهم الباطلة وأعظمها عندهم وإن كانت متفاوتة في العظم فيما بينها بزعمهم كما يومىء إليه إعادة لا مع بعض وتركها مع آخر. وقيل أفرد يعوق ونسر عن النفي لكثرة تكرار لا وعدم اللبس.

وقد انتقلت هذه الأصنام إلى العرب. أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال «صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح عليه السلام في العرب بعد أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل وأما سواع فكانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف عند سبأ وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع وكانت هذه الأسماء أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إليهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فعلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ودرس العلم عبدت».

وأخرج أبو الشيخ في «العظمة» عن محمد بن كعب القرظي أنه قال كان لآدم عليه السلام خمسة بنين ود وسواع الخ فكانوا عباداً فمات رجل منهم فحزنوا عليه حزناً شديداً فجاءهم الشيطان فقال حزنتم على صاحبكم هذا قالوا نعم قال هل لكم أن أصور لكم مثله في قبلتكم إذا نظرتم إليه ذكرتموه قالوا نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئاً نصلي عليه قال فأجعله في مؤخر المسجد قالوا نعم فصوره لهم حتى مات خمستهم فصور صورهم في مؤخر المسجد فنقصت الأشياء حتى تركوا عبادة الله تعالى وعبدوا هؤلاء فبعث الله تعالى نوحاً عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادتها فقالوا ما قالوا.

وأخرج ابن أبـي حاتم عن عروة بن الزبير أن وداً كان أكبرهم وأبرهم وكانوا كلهم أبناء آدم عليه السلام وروي أن وداً أول معبود من دون الله سبحانه وتعالى. أخرج عبد بن حميد عن أبـي مطهر قال ذكروا عند أبـي جعفر رضي الله تعالى عنه يزيد بن المهلب فقال أما إنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله تعالى ثم ذكر وداً وقال كان رجلاً مسلماً وكان محبباً في قومه فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه فلما رأى إبليس جزعهم تشبه في صورة إنسان ثم قال أرى جزعكم على هذا فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به قالوا نعم فصور لهم مثله فوضعوه في ناديهم فجعلوا يذكرونه به فلما رأى ما بهم من ذكره قال هل لكم أن أجعل لكم في منزل كل رجل منكم تمثالاً مثله فيكون في بيته فيذكر به فقالوا نعم ففعل فأقبلوا يذكرونه به وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله تعالى فكان أول من عبد غير الله تعالى في الأرض وداً.

السابقالتالي
2