الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً } عطف على ما مر. والمراد أرسلنا إلى مدين الخ. ومدين وسمع مديان في الأصل علم لابن إبراهيم الخليل عليه السلام ومنع صرفه للعلمية والعجمة ثم سميت به القبيلة، وقيل: هو عربـي اسم لماء كانوا عليه، وقيل: اسم بلد ومنع صرفه للعلمية والتأنيث فلا بد من تقدير مضاف حينئذٍ أي أهل مدين مثلاً أو المجاز. والياء على هذا عند بعض زائدة. وعن ابن بري الميم زائدة إذ ليس في كلامهم فعيل وفيه مفعل. وقال آخرون: إنه شاذ كمريم إذ القياس إعلاله كمقام. وعند المبرد ليس بشاذ قيل وهو الحق لجريانه على الفعل.

وشعيب قيل تصغير شعب بفتح فسكون اسم جبل أو شعب بكسر فسكون الطريق في الجبل. واختير أنه وضع مرتجلاً هكذا. والقول بأن القول بالتصغير باطل لأن أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يجوز تصغيرها فيه نظر لأن الممنوع التصغير بعد الوضع لا المقارن له ومدعي ذلك قد يدعي هذا وهو على ما وجد بخط النووي في «تهذيبه» «ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم عليه السلام»، وقيل: ابن ميكيل بن يشجر بن لاوي بن يعقوب، وبعضهم يقول: ميكائيل بدل ميكيل، ونقل ذلك عن خط الذهبـي في «اختصار المستدرك». وآخر يقول ملكاني بدله. وذكر أن أم ميكيل بنت لوط عليه السلام. وأخرج ابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عن الشرقي بن القطامي ـ وكان نسابة ـ أن شعيباً هو يثروب بالعبرانية وهو ابن عيفاء بن يوبب ـ بمثناة تحتية أوله وواو وموحدتين بوزن جعفر ـ بن إبراهيم عليه السلام، وقيل: في نسبه غير ذاك، وكان النبـي صلى الله عليه وسلم كما أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذا ذكر شعيب يقول: «ذلك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه» أي محاورته لهم، وكأنه ـ كما قيل ـ عنى عليه الصلاة والسلام ما ذكر في هذه السورة كما يعلم بالتأمل فيه.

وبعث رسولاً إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة، قال السدي وعكرمة رضي الله تعالى عنهما: ما بعث الله تعالى نبياً مرتين إلا شعيباً مرة إلى مدين فأخذهم الله تعالى بالصيحة، ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة. وأخرج ابن عساكر في «تاريخه» من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً أن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله تعالى إليهما شعيباً. وهو ـ كما قال ابن كثير ـ غريب وفي رفعه نظر واختار أنهما أمة واحدة، / واحتج له بأن كلاً منهما وعظ بوفاء الميزان والمكيال وهو يدل على أنهما واحدة وفيه ما لا يخفى.

السابقالتالي
2 3 4