الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَلُوطاً } نصب بفعل مضمر أي أرسلنا معطوف على ما سبق أو به من غير حاجة إلى تقدير، وإنما لم يذكر المرسل إليهم على طرز ما سبق وما لحق لأن قومه ـ على ما قيل ـ لم يعهدوا باسم معروف يقتضي الحال ذكره عليه السلام مضافاً إليهم كما في القصص من قبل ومن بعد وهو ابن هاران بن تارخ. وابن اسحٰق ذكر بدل تارخ آزر. وأكثر النسابين على أنه عليه السلام ابن أخي إبراهيم صلى الله عليه وسلم ورواه في «المستدرك» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد أن أبا لوط عليه السلام عم إبراهيم عليه السلام، وقيل: إن لوطاً كان ابن خالة إبراهيم وكانت سارة زوجته أخت لوط وكان في أرض بابل من العراق مع إبراهيم فهاجر / إلى الشام ونزل فلسطين وأنزل لوطاً الأردن وهو كرة بالشام فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم وهي بلدة بحمص. وأخرج إسحٰق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: أرسل لوط إلى المؤتفكات وكانت قرى لوط أربع مدائن سدوم وأمورا وعامورا وصبوير وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل وكانت أعظم مدائنهم سدوم وكان لوط يسكنها وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة يوم وليلة، وهذا اللفظ ـ على ما قال الزجاج ـ اسم أعجمي غير مشتق ضرورة أن العجمي لا يشتق من العربـي وإنما صرف لخفته بسكون وسطه، وقيل: إنه مشتق من لطت الحوض إذا ألزقت عليه الطين، ويقال: هذا ألوط بقلبـي من ذلك أي ألصق به ولاط الشيء أخفاه.

وقوله تعالى: { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } ظرف لأرسلنا كما قال غير واحد. واعترض بأن الإرسال قبل وقت القول لا فيه كما تقتضيه هذه الظرفية، ودفع بأنه يعتبر الظرف ممتداً كما يقال زيد في أرض الروم فهو ظرف غير حقيقي يعتبر وقوع المظروف في بعض أجزائه كما قرره القطب، وجوز أن يكون { لُوطاً } منصوباً باذكر محذوفاً فيكون من عطف القصة على القصة، و { إِذْ } بدل من لوط بدل اشتمال بناء على أنها لا تلزم الظرفية، وقال أبو البقاء: إنه ظرف الرسالة محذوفاً أي واذكر رسالة لوط إذ قال: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } استفهام على سبيل التوبيخ والتقريع أي أتفعلون تلك الفعلة التي بلغت أقصى القبح وغايته.

{ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي ما عملها أحد قبلكم في زمن من الأزمان فالباء للتعدية كما في «الكشاف» من قولك: سبقته بالكرة إذا ضربتها قبله، ومنه ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2