الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } قال الفراء والزجاج: أي الزلزلة الشديدة. وقال مجاهد والسدي: هي الصيحة، وجمع بين القولين بأنه يحتمل أنه أخذتهم الزلزلة من تحتهم والصيحة من فوقهم، وقال بعضهم: الرجفة خفقان القلب واضطرابه حتى ينقطع، وجاء في موضع آخرٱلصَّيْحَةُ } [هود: 67] وفي آخربِٱلطَّاغِيَةِ } [الحاقة: 5] ولا منافاة بين ذلك كما زعم بعض الملاحدة فإن الصيحة العظيمة الخارقة للعادة حصل منها الرجفة لقلوبهم ولعظمها وخروجها عن الحد المعتاد تسمى الطاغية لأن الطغيان مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى:إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَاءُ حَمَلْنَـٰكُمْ } [الحاقة: 11] أو يقال: إن الإهلاك بذلك بسبب طغيانهم وهو معنى { بِٱلطَّاغِيَةِ } وهذا الأخذ ليس أثر ما قالوا ما قالوا بل بعد ما جرى عليهم ما جرى من مبادىء العذاب في الأيام الثلاث كما ستعلمه إن شاء الله تعالى والفاء لا تأبـى ذلك.

{ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } هامدين موتى لا حراك بهم، وأصل الجثوم البروك على الركب. وقال أبو عبيدة: الجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للإبل فجثوم الطير هو وقوعه لاطئاً بالأرض في حال سكونه بالليل، وأصبح يحتمل أن تكون تامة فجاثمين حال وأن تكون ناقصة فجاثمين خبر، والظرف على التقديرين متعلق به. وقيل: هو خبر و { جَـٰثِمِينَ } حال وليس بشيء لإفضائه إلى كونه الإخبار بكونهم في دارهم مقصوداً بالذات، والمراد من الدار البلد كما في قولك دار الحرب ودار الإسلام وقد جمع [في آية] أخرى [فقال: في ديارهم [هود: 76]] بإرادة منزل كل واحد الخاص به، وذكر النيسابوري أنه حيث ذكرت الرجفة وحدت الدار وحيث ذكرت الصيحة جمعت لأن الصيحة كانت من السماء كما في غالب الروايات لا من الأرض كما قيل فبلوغها أكثر وأبلغ من الزلزلة فقرن كل منهما بما هو أليق به فتدبر.