الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ } أي نحروها. قال الأزهري: «أصل العقر عند العرب قطع عرقوب البعير ثم استعمل في النحر لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره»؛ وإسناده إلى الكل مع أن المباشر البعض مجاز لملابسة الكل لذلك الفعل لكونه بين أظهرهم وهم متفقون على الضلال والكفر أو لرضا الكل به أو لأمرهم كلهم به كما ينبـىء عنه قوله تعالى:فَنَادَوْاْ صَـٰحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [القمر: 29]، وقيل: إن العقر مجاز لغوي عن الرضا بالنسبة إلى غير فاعله وليس بشيء. { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ } أي استكبروا عن امتثاله وهو ما بلغهم صالح عليه السلام من الأمر السابق فالأمر واحد الأوامر، وجوز أن يكون واحد الأمور أي استكبروا عن شأن الله تعالى ودينه وهو بعيد. وأوجب بعضهم على الأول أن يضمن { عَتَوْاْ } معنى التولي أي تولوا عن امتثال أمره عاتين أو معنى الإصدار أي صدر عتوهم عن أمر ربهم وبسببه لأنه تعالى لما أمرهم بقوله:فَذَرُوهَا } [الأعراف: 73] الخ ابتلاهم فما امتثلوا فصاروا عاتين بسببه ولولا الأمر ما ترتب العقر والداعي للتأويل بتولوا أو صدر أن عتا لا يتعدى بعن فتعديته به لذلك كما في قوله تعالى:وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى } [الكهف: 82] وبعضهم لا يقول بالتضمين بناءً على أن عتا بمعنى استكبر كما في «القاموس» وهو يتعدى بعن فافهم.

{ وَقَالُواْ } مخاطبين له عليه السلام بطريق التعجيز والإفحام على زعمهم الفاسد { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب وأطلق للعلم به { إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } فإن كونك منهم يقتضي صدق ما تقول من الوعد والوعيد.