الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ }

{ قَالَ ٱلْمَلأَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } أي الأشراف الذين عتوا وتكبروا، والجملة استئناف كما مر غير مرة. وقرأ ابن عامر { وَقَالَ } بالواو عطفاً على ما قبله من قوله تعالى:قَالَ يَا قَوْمِ } [الأعراف: 73] الخ، واللام في قوله سبحانه: { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } أي عدوا ضعفاء أذلاء للتبليغ كما فيأَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ } [القلم: 28]، وقوله تعالى: { لِمَنْ ءَامَنَ مِنْهُمْ } بدل من الموصول بإعادة العامل بدل الكل من الكل كقولك مررت بزيد بأخيك، والضمير المجرور راجع إلى قومه. وجوز أن يكون بدل بعض من كل على أن الضمير للذين استضعفوا فيكون المستضعفون قسمين مؤمنين وكافرين، ولا يخفى بعده، والاستفهام في قوله جل شأنه { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَـٰلِحاً مُّرْسَلٌ مّن رَّبّهِ } للاستهزاء لأنهم يعلمون أنهم عالمون بذلك ولذلك لم يجيبوهم على مقتضى الظاهر كما حكى سبحانه عنهم بقوله: { قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } فإن الجواب الموافق لسؤالهم نعم أو نعلم أنه مرسل منه تعالى. ومن هنا قال غير واحد: إنه من الأسلوب الحكيم فكأنهم قالوا: العلم بإرساله وبما أرسل به ما لا كلام فيه ولا شبهة تدخله لوضوحه وإنارته وإنما الكلام في وجوب الإيمان به فنخبركم أنا به مؤمنون. واختار في «الانتصاف» أن ذلك «ليس إخباراً عن وجوب الإيمان به بل عن امتثال الواجب ـ فإنه أبلغ من ذلك فكأنهم قالوا: العلم بإرساله وبوجوب الإيمان به لا نسأل عنه وإنما الشأن في امتثال الواجب ـ والعمل به ونحن قد امتثلنا.