الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

ثم إنه سبحانه وتعالى عقب ذلك بما يحققه ويقرره من قصص الأمم الخالية والقرون الماضية وفي ذلك أيضاً تسلية لرسوله عليه الصلاة والسلام فقال جل شأنه: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ } وهو جواب قسم محذوف أي والله لقد أرسلنا الخ، واطرد استعمال هذه اللام مع قد في الماضي ـ على ما قال الزمخشري ـ وقل الاكتفاء بها وحدها نحو قوله:
حلفت لها بالله حلفة فاجر   لناموا فما ان من حديث ولا صالي
والسر في ذلك أن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيداً للجملة المقسم عليها التي هي جوابها فكانت مظنة (لتوقع المخاطب حصول المقسم عليه) لأن القسم دل على الاهتمام فناسب ذلك إدخال قد، ونقل عن النحاة أنهم قالوا: إذا كان جواب القسم ماضياً مثبتاً متصرفاً فإما أن يكون قريباً من الحال فيؤتى بقد وإلا أثبت / باللام وحدها فجوزوا الوجهين باعتبارين، ولم يؤت هنا بعاطف وأتى به في هود [52]. والمؤمنين [32] على ما قال الكرماني: لتقدم ذكر نوح صريحاً في هود وضمناً في المؤمنين حيث ذكر فيها قبلوَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } [المؤمنون: 22] وهو عليه السلام أول من صنعها بخلاف ما هنا.

ونوح بن لمك ـ بفتحتين وقيل: بفتح فسكون، وقيل: ملكان بميم مفتوحة ولام ساكنة ونون آخره. وقيل: لامك كهاجر ـ بن متوشلخ بضم الميم وفتح التاء الفوقية والواو وسكون الشين المعجمة على وزن المفعول كما ضبطه غير واحد. وقيل: بفتح الميم وضم المثناة الفوقية المشددة وسكون الواو ولام مفتوحة وخاء معجمة ـ ابن ـ أخنوخ بهمزة مفتوحة أوله وخاء معجمة ساكنة ونون مضمومة وواو ساكنة وخاء أيضاً، ومعناه في تلك اللغة على ما قيل القراء. وقيل: خنوخ بإسقاط الهمزة وهو إدريس عليه السلام. أخرج ابن إسحاق. وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: بعث نوح عليه السلام في الألف الثاني وإن آدم عليه السلام لم يمت حتى ولد له نوح في آخر الألف الأول. وأخرجا عن مقاتل. وجويبر أن آدم عليه السلام حين كبر ودق عظمه قال: يا رب إلى متى أكد وأسعى؟ قال يا آدم حتى يولد لك ولد مختون فولد له نوح بعد عشرة أبطن وهو يومئذٍ ابن ألف سنة إلا ستين عاماً. وبعث على ما روي عن ابن عباس على رأس (أربعمائة) سنة، وقال مقاتل: وهو ابن مائة سنة. وقيل: وهو ابن خمسين سنة. وقيل: وهو ابن مائتين وخمسين سنة ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة. وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين فكان عمره ألفاً وأربعمائة وخمسين سنة. وبعث ـ كما روى ابن أبـي حاتم وابن عساكر عن قتادة ـ من الجزيرة.

السابقالتالي
2 3