الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }

{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } أي بين الفريقين كقوله تعالى:فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } [الحديد: 13] أو بين الجنة والنار حجاب عظيم ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى وإن لم يمنع وصول النداء وأمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا. { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ } أي أعراف الحجاب أي أعاليه، وهو السور المضروب بينهما جمع عرف مستعار من عرف الدابة والديك. وقيل: العرف ما ارتفع من الشيء أي أعلى موضع منه لأنه أشرف وأعرف مما انخفض منه. وقيل: ذاك جبل أحد. فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم: " أحد يحبنا ونحبه ـ و ـ إنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار يحبس عليه أقوام يعرفون كلاً بسيماهم وهم إن شاء الله تعالى من أهل الجنة " وقيل: هو الصراط وروي ذلك عن الحسن بن المفضل. وحكي عن بعضهم أنه لم يفسر الأعراف بمكان وأنه قال: المعنى وعلى معرفة أهل الجنة والنار { رِجَالٌ } والحق أنه مكان والرجال طائفة من الموحدين قصرت بهم سيآتهم عن الجنة وتجاوزت / بهم حسناتهم عن النار جعلوا هناك حتى يقضى بين الناس فبينما هم كذلك إذ اطلع عليهم ربهم فقال لهم: قوموا ادخلوا الجنة فإني غفرت لكم أخرجه أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما عن حذيفة. وفي رواية أخرى عنه " يجمع الله تعالى الناس ثم يقول لأصحاب الأعراف: ما تنتظرون؟ قالوا: ننتظر أمرك فيقال: إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم فادخلوها بمغفرتي ورحمتي " وإلى هذا ذهب جمع من الصحابة والتابعين. وقيل: هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجلسهم الله تعالى على أعالي ذلك السور تمييزاً لهم على سائر أهل القيامة وإظهاراً لشرفهم وعلو مرتبهم.

وروى الضحاك عن ابن عباس أنهم العباس وحمزة وعلي وجعفر ذو الجناحين رضي الله تعالى عنهم يجلسون على موضع من الصراط يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسوادها. وقيل: إنهم عدول القيامة الشاهدون على الناس بأعمالهم وهم من كل أمة حكاه الزهري. وأخرج البيهقي وابن أبـي حاتم وابن مردويه وأبو الشيخ والطبراني وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أصحاب الأعراف فقال: " هم أناس قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم ومنعهم من دخول النار قتلهم في سبيل الله " وقيل: هم أناس رضي عنهم أحد أبويهم دون الآخر. وقال الحسن البصري: إنهم قوم كان فيهم عجب. وقال مسلم بن يسار: هم قوم كان عليهم دين، وقيل: هم أهل الفترة، وقيل: أولاد المشركين، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم أولاد الزنا، وعنه أيضاً أنهم مساكين أهل الجنة.

السابقالتالي
2