الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

{ وَٱسْأَلْهُمْ } عطف على اذكر المشار إليه فيما تقدم آنفاً، والخطاب للنبـي صلى الله عليه وسلم، وضمير الغيبة لمن بحضرته عليه الصلاة والسلام من نسل اليهود أي واسأل اليهود المعاصرين لك سؤال تقريع وتقرير بتقدم تجاوزهم لحدود الله تعالى، والمراد إعلامهم بذلك لأنهم كانوا يخفونه، وفي الإطلاع عليه مع كونه عليه الصلاة والسلام ليس / ممن مارس كتبهم أو تعلمه من علمائهم ما يقضي بأن ذلك عن وحي فيكون معجزة شاهدة عليهم { عَنِ ٱلْقَرْيَةِ } أي عن خبرها وحالها وما وقع بأهلها من ثالثة الأثافي، والمراد بالسؤال عن ذلك ما يعم السؤال عن النفس وعن الأهل أو الكلام على تقدير مضاف، والمراد عن حال أهل القرية، وجوز التجوز فيها، وهي عند ابن عباس وابن جبير ـ أيلة ـ قرية بين مدين والطور. وعن ابن شهاب هي طبرية، وقيل: مدين وهي رواية عن الحبر، وعن ابن زيد أنها مقنا بين مدين وعينونا { ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ } أي قريبة منه مشرفة على شاطئه { إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ } أي يظلمون ويتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم السبت أو بتعظيمه، و(إذ) بدل من المسؤول عنه بدل اشتمال أو ظرف للمضاف المصدر، قيل: واحتمال كونه ظرفاً لكانت أو حاضرة ليس بشيء إذ لا فائدة بتقييد الكون أو الحضور بوقت العدوان وضمير { يَعْدُونَ } للأهل المقدر أو المعلوم من الكلام، وقيل: إلى { ٱلْقَرْيَةِ } على سبيل الاستخدام، وقرىء { يَعْدُونَ } بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين و { يَعْدُونَ } من الإعداد حيث كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير العبادة { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ } ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل، وإلى الأول ذهب أكثر المعربين، وهو الأولى لأن السؤال عن عدوانهم أبلغ في التقريع، وحيتان جمع حوت أبدلت الواو ياءاً لسكونها وانكسار ما قبلها كنون ونينان لفظاً ومعنى وإضافتها إليهم باعتبار أن المراد الحيتان الكائنة في تلك الناحية التي هم فيها، وقيل: للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد في سائر أفراد الجنس من الخواص الخارقة للعادة، ولا يخفى بعده { يَوْمَ سَبْتِهِمْ } ظرف لتأتيهم أي تأتيهم يوم تعظيمهم لأمر السبت، وهو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت بترك العمل والتفرغ للعبادة فيه، وقيل: اسم لليوم والإضافة لاختصاصهم بأحكام فيه، ويؤيد الأول قراءة عمر بن عبد العزيز { يوم أسباتهم } ، وكذا النفي الآتي { شُرَّعًا } أي ظاهرة على وجه الماء كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قريبة من الساحل، وهو جمع شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف، وفي الشرع معنى الإظهار والتبيين، وقيل: حيتان شرع رافعة رؤسها كأنه جعل ذلك إظهاراً وتبييناً، وقيل: المعنى متتابعة ونسب إلى الضحاك، والظاهر أنها ظاهرة وهو نصب على الحال من الحيتان { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ } أي لا يراعون أمر السبت وهو على حد قوله:

السابقالتالي
2