الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ } الذي أرسله الله تعالى لتبليغ الأحكام { ٱلنَّبِيَّ } / أي الذي أنبأ الخلق عن الله تعالى فالأول تعتبر فيه الإضافة إلى الله تعالى والثاني تعتبر فيه الإضافة إلى الخلق، وقدم الأول عليه لشرفه وتقدم إرسال الله تعالى له على تبليغه، وإلى هذا ذهب بعضهم، وجعلوا إشارة إلى أن الرسول والنبي هنا مراد بهما معناهما اللغوي لاجرائهما على ذات واحدة كما أنهما كذلك في قوله تعالى:وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا } [مريم: 54]، وفسر في «الكشاف» الرسول بالذي يوحى إليه كتاب والنبـي بالذي له معجزة، ويشير إلى الفرق بين الرسول والنبـي بأن الرسول من له كتاب خاص والنبـي أعم. وتعقبه في «الكشف» بأن أكثر الرسل لم يكونوا أصحاب كتاب مستقل كإسماعيل ولوط وإلياس عليهم السلام وكم وكم ثم قال: والتحقيق أن النبـي هو الذي ينبىء عن ذاته تعالى وصفاته وما لا تستقل العقول بدرايته ابتداء بلا واسطة بشر، والرسول هو المأمور مع ذلك بإصلاح النوع، فالنبوة نظر فيها إلى الإنباء عن الله تعالى والرسالة إلى المبعوث إليهم، والثاني وإن كان أخص وجوداً إلا أنهما مفهومان مفترقان ولهذا لم يكن رسولاً نبيا مثل إنسان حيوان ا هـ. وفيه مخالفة بينة لما ذكر أولاً، ولا حجر في الاعتبار. نعم ما ذكروه مدفوع بأن الفرق المذكور مع تغاير المفهومين على كل حال من عرف الشرع والاستعمال، وأما في الوضع والحقيقة اللغوية فهما عامان. وقد ورد في القرآن بالاستعمالين فلا تعارض بينهما. ولا يرد أن ذكر النبـي العام بعد الخاص لا يفيد والمعروف في مثل ذلك العكس، ولا يخفى أن المراد بهذا الرسول النبـي نبينا صلى الله عليه وسلم.

{ ٱلأُمِّىَّ } أي الذي لا يكتب ولا يقرأ، وهو على ما قال الزجاج نسبة إلى أمة العرب لأن الغالب عليهم ذلك. وروى الشيخان وغيرهما عن ابن عمر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " أو إلى أم القرى لأن أهلها كانوا كذلك، ونسب ذلك إلى الباقر رضي الله تعالى عنه أو إلى أمه كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها، ووصف عليه الصلاة والسلام بذلك تنبيهاً على أن كمال علمه مع حاله إحدى معجزاته صلى الله عليه وسلم فهو بالنسبة إليه ـ بأبـي هو وأمي ـ عليه الصلاة والسلام صفة مدح، وأما بالنسبة إلى غيره فلا، وذلك كصفة التكبر فإنها صفة مدح لله عز وجل وصفة ذم لغيره.

واختلف في أنه عليه الصلاة والسلام هل صدر عنه الكتابة في وقت أم لا؟ فقيل: نعم صدرت عنه عام الحديبية فكتب الصلح وهي معجزة أيضاً له صلى الله عليه وسلم وظاهر الحديث يقتضيه، وقيل: لم يصدر عنه أصلاً وإنما أسندت إليه في الحديث مجازاً.

السابقالتالي
2 3 4 5