الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ }

{ قَالَ } استئناف كما مر { إِنَّكَ مِنَ ٱلمُنظَرِينَ } ظاهرهإِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الأعراف: 14] حيث وقع في مقابلة كلامه لكن في سورة الحجر وص التقييد بيوم الوقت المعلوم، واختلف في المراد منه فالمشهور أنه يوم النفخة الأولى دون يوم البعث لأنه ليس بيوم موت، وجوز بعضهم أن يكون المراد منه يوم البعث ولا يلزم أن لا يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث مع الخلق في تضاعيفه. وفي كتاب «العرائس» عن كعب الأحبار أن إبليس إنما يذوق طعم الموت يوم الحشر وذكر في كيفية موته وقبض عزرائيل روحه ما يقضي منه العجب، ولم ترضِ ذلك الفاضل السفاريني وقال في كتابه «البحور الزاخرة»: أخرج نعيم بن حماد في «الفتن» والحاكم في «المستدرك» عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: لا يلبثون ـ يعني الناس ـ بعد يأجوج ومأجوج حتى تطلع الشمس من مغربها فتجف الأقلام وتطوى الصحف فلا يقبل من أحد توبة ويخر إبليس ساجداً ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من نفزع؟ فيقول: إنما سألت ربـي أن ينظرني إلى يوم البعث فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا يوم الوقت المعلوم وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل: هذا / قريني الذي كان فالحمد لله الذي أخزاه ولا يزال إبليس ساجداً باكياً حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد انتهى.

ومنه يعلم أن المراد باليوم المعلوم ما صرح به اللعين وهو قبل يوم النفخة الأولى بكثير، وهذا قول لم نر أحداً من المفسرين ذكره وهو الذي ارتضاه هذا الفاضل وقال: إن الخبر في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي وليس ابن مسعود ككعب الأحبار ممن يتلقى من كتب أهل الكتاب. وأنت تعلم أنه إن صحت نسبة هذا الخبر إلى ابن مسعود ينبغي أن لا يعدل إلى القول بما يخالفه ولكن في صحة نسبته إليه رضي الله تعالى عنه عندي تردد. وقيل: المراد به وقت يعلم الله تعالى انتهاء أجله فيه وقد أخفي عنا وكذا عن اللعين، وأوجب على هذا أن يكون قبل النفخة الثانية. واستدل له بعضهم بأن اللعين كان مكلفاً والمكلف لا يجوز أن يعلم أجله لأنه يقدم على المعصية بقلب فارغ حتى إذا قرب أجله تاب فتقبل توبته وهذا كالإغراء على المعاصي فيكون قبيحاً. وأجيب بأن من علم الله تعالى من حاله أنه يموت على الطهارة والعصمة كالأنبياء عليهم السلام أو على الكفر والمعاصي كإبليس وأشياعه فإن إعلامه بوقت أجله لا يكون إغراء على المعصية لأنه لا يتفاوت حاله بسبب ذلك التعريف والإعلام.

السابقالتالي
2 3 4