الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ }

{ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } أي أخر أمرهما وأصدرهما عنك ولا تعجل في أمرهما حتى ترى رأيك فيهما، وقيل: احبسهما، واعترض بأنه لم يثبت منه الحبس. وأجيب بأن الأمر به لا يوجب وقوعه؛ وقيل عليه أيضاً: إنه لم يكن قادراً على الحبس بعد أن رأى ما رأى، وقوله:لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } في الشعراء [29] كان قبل هذا، وأجيب بأن القائلين لعلهم لم يعلموا ذلك منه، وقال أبو منصور: الأمر بالتأخير دل على أنه تقدم منه أمر آخر وهو الهم بقتله، فقالوا: أخره ليتبين حاله للناس، وليس بلازم كما لا يخفى؛ وأصل أرجه أرجئه بهمزة ساكنة وهاء مضمومة دون واو ثم / حذفت الهمزة وسكنت الهاء لتشبيه المنفصل بالمتصل، وجعل جه وكابل في إسكان وسطه، وبذلك قرأ أبو عمرو، وأبو بكر، ويعقوب على أنه من أرجات، وكذلك قراءة ابن كثير وهشام وابن عامر { أرجئهو } بهمزة ساكنة وهاء متصلة بواو الإشباع. وقرأ نافع في رواية ورش وإسماعيل والكسائي { أرجهي } بهاء مكسورة بعدها ياء من أرجيت، وفي رواية قالون { أنٍ أَرْجِهْ } بحذف الياء للاكتفاء عنها بالكسرة، وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان { أرجئه } بالهمزة وكسر الهاء، وقد ذكر بعضهم أن ضم الهاء وكسرها والهمز وعدمه لغتان مشهورتان، وهل هما مادتان أو الياء بدل من الهمزة كتوضأت وتوضيت؟ قولان، وطعن في القراءة على رواية ابن ذكوان، فقال الحوفي: إنها ليست بجيدة، وقال الفارسي: إن ضم الهاء مع الهمزة لا يجوز غيره وكسرها غلط لأن الهاء لا تكسر إلا بعد ياء ساكنة أو كسرة، وأجيب كما قال الشهاب عنه بوجهين: أحدهما: أن الهمزة ساكنة والحرف الساكن حاجز غير حصين فكأن الهاء وليت الجيم المكسورة فلذا كسرت، والثاني: أن الهمزة عرضة للتغيير كثيراً بالحذف وإبدالها ياء إذا سكنت بعد كسرة فكأنها وليت ياء ساكنة فلذا كسرت. وأورد على ذلك أبو شامة أن الهمزة تعد حاجزاً وأن الهمزة لو كانت ياء كان المختار الضم نظراً لأصلها وليس بشيء بعد أن قالوا: إن القراءة متواترة وما ذكر لغة ثابتة عن العرب، هذا واستشكل الجمع بين ما هنا وما في الشعراء [34-35] فإن فيهاقَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } وهو صريح في أن { إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ } إلىفَمَاذَا تَأْمُرُونَ } [الأعراف: 109-110] كلام فرعون وما هنا صريح في نسبة قول ذلك للملإ والقصة واحدة فكيف يختلف القائل في الموضعين وهل هذا إلا منافاة؟ وأجيب بأنه لا منافاة لاحتمالين. الأول: أن هذا الكلام قاله فرعون والملأ من قومه فهو كوقع الحافر على الحافر فنقل في الشعراء كلامه وهنا كلامهم، والثاني: أن هذا الكلام قاله فرعون ابتداء ثم قاله الملأ إما بطريق الحكاية لأولادهم وغيرهم وإما بطريق التبليغ لسائر الناس فما في الشعراء كلام فرعون ابتداء وما هنا كلام الملأ نقلاً عنه.

السابقالتالي
2 3