الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَٰوةِ } أي فعل النداء لها أي الأذان، ((والمراد به على ما حكاه في «الكشاف» الأذان عند قعود الإمام على المنبر. وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن واحد فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد فإذا نزل عليه الصلاة والسلام أقام الصلاة، ثم كان أبو بكر وعمر على ذلك حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد مؤذناً آخر فأمر بالتأذين الأول على داره التي تسمى زوراء فإذا جلس على المنبر أذن المؤذن الثاني فإذا نزل أقام الصلاة فلم يعب ذلك عليه)). وفي حديث الجماعة ـ إلا مسلماً ـ فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء، وفي رواية للبخاري ومسلم زاد النداء الثاني، والكل بمعنى، وتسمية ما يفعل من الأذان أولاً ثانياً باعتبار أنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان بعد، وتسميته ثالثاً لأن الإقامة تسمى أذاناً كما في الحديث " بين كل أذانين صلاة " وقال مفتي الحنفية في دار السلطنة السنية الفاضل سعد الله جلبـي: المعتبر في تعلق الأمر يعني قوله تعالى الآتي: { فَٱسْعَوْاْ } هو الأذان الأول في الأصح عندنا لأن حصول الإعلام به، لا الأذان بين يدي المنبر، ورد بأن الأول لم يكن على عهد النبـي صلى الله عليه وسلم كما سمعت فكيف يقال: المراد / الأول في الأصح؟ وأما كون الثاني لا إعلام فيه فلا يضر لأن وقته معلوم تخميناً ولو أريد ما ذكر وجب بالأول السعي وحرم البيع وليس كذلك. وفي كتاب «الأحكام» روي عن ابن عمر والحسن في قوله تعالى: { إِذَا نُودِىَ } الخ قال: إذا خرج الإمام وأذن المؤذن فقد نودي للصلاة انتهى، وهو التفسير المأثور فلا عبرة بغيره كذا قال الخفاجي. وفي كتب الحنفية خلافه ففي «الكنز» و«شرحه»: ويجب السعي وترك البيع بالأذان الأول لقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَٰوةِ } الآية وإنما اعتبر لحصول الإعلام به، وهذا القول هو الصحيح في المذهب، وقيل: العبرة للأذان الثاني الذي يكون بين يدي المنبر لأنه لم يكن في زمنه إلا هو ـ وهو ضعيف ـ لأنه لو اعتبر في وجوب السعي لم يتمكن من السنة القبلية ومن الاستماع بل ربما يخشى عليه فوات الجمعة انتهى، ونحوه كثير لكن الاعتراض عليه قوي فتدبر.

{ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } أي فيه كما في قوله تعالى:أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } [فاطر: 40] أي فيها، وجوز أبو البقاء أيضاً كون { مِنْ } للتبعيض، وفي «الكشاف» هي بيان ـ لإذا ـ وتفسير له.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8