الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَوَهَبْنَا لَهُ } أي لإبراهيم عليه السلام { إِسْحَـٰقَ } وهو ولده من سارة عاش مائة وثمانين سنة. وفي «نديم الفريد» أن معنى إسحٰق بالعربية الضحاك { وَيَعْقُوبَ } وهو ابن إسحٰق عاش مائة وسبعاً وأربعين سنة. والجملة عطف على قوله تعالى:وَتِلْكَ حُجَّتُنَا } [الأنعام: 83] الخ، وعطف الفعلية على الاسمية مما لا نزاع في جوازه، ويجوز على بعد أن تكون عطفاً على جملةآتَيْنَاهَآ } [الأنعام: 83] بناء على أنها لا محل لها من الإعراب كما هو أحد الاحتمالات. وقوله تعالى: { كُلاًّ } مفعول لما بعده وتقديمه عليه للقصر لا بالنسبة إلى غيرهما بل بالنسبة إلى أحدهما أي كل واحد منهما { هَدَيْنَا } لا أحدهما دون الآخر، وقيل: المراد كلا من الثلاثة، وعليه الطبرسي. واختار كثير من المحققين الأول لأن هداية إبراهيم عليه السلام معلومة من الكلام قطعاً وترك ذكر المهدي إليه لظهور أنه الذي أوتى إبراهيم عليه السلام فإنهما (متعبدان به). وقال الجبائي: المراد هديناهم بنيل الثواب والكرمات.

{ وَنُوحاً } قال شيخ الإسلام: منصوب بمضمر يفسره { هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } ولعله إنما لم يجعله مفعولاً مقدماً للمذكور لئلا يفصل بين العاطف والمعطوف بشيء أو يخلو التقديم عن الفائدة السابقة أعني القصر ولا يخلو ذلك عن تأمل أي من قبل إبراهيم عليه السلام. ونوح ـ كما قال الجواليقي ـ أعجمي معرب زاد الكرماني: ومعناه بالسريانية الساكن، وقال الحاكم في «المستدرك»: إنما سمي نوحاً لكثرة بكائه على نفسه واسمه عبد الغفار، والأول: أثبت عندي. وأكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم ـ كما قال الحاكم ـ أنه عليه السلام كان قبل إدريس عليه السلام. وذكر النسابون أنه ابن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف ابن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة المضمومة بعدها واو ساكنة وفتح الشين المعجمة واللام والخاء المعجمة ابن أخنوخ بفتح المعجمة وضم النون الخفيفة وبعدها واو ساكنة ثم معجمة وهو إدريس فيما يقال. وروى الطبراني " عن أبـي ذر رضي الله تعالى عنه قال: " قلت يا رسول الله من أول الأنبياء؟ قال: آدم عليه السلام قلت: ثم من؟ قال نوح عليه السلام: وبينهما عشرة قرون " وهذا ظاهر في أن إدريس عليه السلام لم يكن قبله وذكر ابن جرير أن مولده عليه السلام كان بعد وفاة آدم عليه السلام بمائة وستة وعشرين عاماً. وذكره سبحانه هنا قيل لأنه لما ذكر سبحانه إنعامه على خليله من جهة الفرع ثنى بذكر إنعامه عليه من جهة الأصل فإن شرف الوالد سار إلى الولد، وقيل: إنما ذكره سبحانه لأن قومه عبدوا الأصنام فذكره ليكون له به أسوة، وأما أنه ذكر لما مر فلا إذ لا دلالة على علاقة الأبوة ليقبل ودلالة { مِن قَبْلُ } على ذلك غير ظاهرة.

السابقالتالي
2 3 4