الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } شروع في حكاية ما سيصدر / عنهم يوم القيامة من القول المناقض لما صدر عنهم في الدنيا من القبائح المحكية مع كونه كاذباً في نفسه. والخطاب للنبـي صلى الله عليه وسلم أو لكل من له أهلية ذلك قصداً إلى بيان سوء حالهم وبلوغها من الشناعة إلى حيث (لا يختص استغرابها براءٍ راء). و { لَوْ } شرطية على أصلها وجوابها محذوف لتذهب نفس السامع كل مذهب فيكون أدخل في التهويل، ونظير ذلك قوله امرىء القيس:
وجدك لو شيء أتانا رسوله   سواك ولكن لم نجد لك مدفعاً
وقولهم لو ذات سوار لطمتني. و { تَرَى } بصرية وحذف مفعولها لدلالة ما في حيز الظرف عليه. والإيقاف إما من الوقوف المعروف أو من الوقوف بمعنى المعرفة كما يقال: أوقفته على كذا إذا فهمته وعرفته واختاره الزجاج أي: ولو ترى حالهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها أو يرفعوا على جسرها وهي تحتهم فينظرونها أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت ما لا يحيط به نطاق التعبير. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق. وقيل: إن لو بمعنى إن. وجوزوا أن تكون (ترى) علمية وهو كما ترى. وقرىء { وقفوا } بالبناء للفاعل من وقف عليه اللازم ومصدره غالباً الوقوف، ويستعمل وقف متعدياً أيضاً ومصدره الوقف وسمع فيه أوقف لغة قليلة. وقيل: إنه بطريق القياس.

{ فَقَالُواْ } لعظم أمر ما تحققوه { يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } أي إلى الدنيا. و { يا } للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قومنا مثلاً { وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا } أي القرآن كما كنا نكذب من قبل ونقول: أساطير الأولين. وفسر بعضهم الآيات بما يشمل ذلك والمعجزات، وقال شيخ الإسلام:«يحتمل أن يراد بها الآيات الناطقة بأحوال النار وأهوالها الآمرة باتقائها بناء على أنها التي تخطر حينئذ ببالهم ويتحسرون على ما فرطوا في حقها. ويحتمل أن يراد بها جميع الآيات المنتظمة لتلك الآيات انتظاماً أولياً».

{ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بها حتى لا نرى هذا الموقف الهائل كما لم ير ذلك المؤمنون. ونصب الفعلين ـ على ما قال الزمخشري وسبقه إليه كما قال الحلبي الزجاج ـ بإضمار أن على جواب التمني، والمعنى ان رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين. ورده أبو حيان «بأن نصب الفعل بعد الواو ليس على الجوابية لأنها لا تقع في جواب الشرط فلا ينعقد مما قبلها وما بعدها شرط وجواب وإنما هي واو الجمع تعطف ما بعدها على المصدر المتوهم قبلها وهي عاطفة يتعين مع النصب أحد محاملها الثلاث وهي المعية ويميزها عن الفاء (صحة حلول مع محلها) أو الحال وشبهة من قال: إنها جواب أنها تنصب في المواضع التي تنصب فيها الفاء فتوهم أنها جواب».

السابقالتالي
2