الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ }

{ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ } أي من يصرف العذاب عنه فنائب الفاعل ضمير العذاب، وضمير { عَنْهُ } يعود على { مِنْ } ، وجوز العكس أي من يصرف عن العذاب. و { مِنْ } على الوجهين مبتدأ خبره الشرط أو الجواب أو هما على الخلاف، والظرف متعلق بالفعل أو بالعذاب أو بمحذوف وقع حالاً من الضمير. وجوز أن يكون نائب الفاعل. وهل يحتاج حينئذٍ إلى تقدير مضاف أي عذاب يومئذٍ أم لا؟ فيه خلاف فقيل: لا بد منه لأن الظرف غير التام أي المقطوع عن الإضافة كقبل وبعد لا يقام مقام الفاعل إلا بتقدير / مضاف و { يَوْمَئِذٍ } له حكمه. وفي «الدر المصون» لا حاجة إليه لأن التنوين لكونه عوضاً يجعل في قوة المذكور خلافاً للأخفش. وذكر الأجهوري أن التنوين هنا عوض عن جملة محذوفة يتضمنها الكلام السابق والأصل يوم إذ يكون الجزاء ونحو ذلك، والجملة مستأنفة مؤكدة لتهويل العذاب؛ وجوز أن تكون صفة { عَذَابِ }. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم { من يصرف } على أن الضمير فيه لله تعالى. وقرأ أبـي { من يصرف ٱللَّه } بإظهار الفاعل والمفعول به محذوف أي العذاب أو { يَوْمَئِذٍ } بحذف المضاف أو يجعل اليوم عبارة عمار يقع فيه، و { مِنْ } في هذه القراءة أيضاً مبتدأ. وجوز أبو البقاء أن تجعل في موضع نصب بفعل محذوف تقديره من يكرم يصرف الله العذاب عنه فجعل يصرف تفسيراً للمحذوف، وأن يجعل منصوباً بيصرف ويجعل ضمير { عَنْهُ } للعذاب أي أي إنسان يصرف الله تعالى عنه العذاب.

{ فَقَدْ رَحِمَهُ } أي الرحمة العظمى وهي النجاة كقولك: إن أطعمت زيداً من جوعة فقد أحسنت إليه تريد فقد أتممت الإحسان إليه، وعلى هذا يكون الكلام من قبيل من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك و " من كانت هجرته إلى الله تعالى " الخبر، ومن قبيل صرف المطلق إلى الكامل، وقيل: المراد فقد أدخله الجنة فذكر الملزوم وأريد اللازم لأن إدخال الجنة من لوازم الرحمة إذ هي دار الثواب اللازم لترك العذاب. ونقض بأصحاب الأعراف، وأجيب بأن قوله تعالى: { وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } حال مقيدة لما قبله، والفوز المبين إنما هو بدخول الجنة لقوله تعالى:فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } [آل عمران: 185] وأنت تعلم أنه إذا قلنا: إن الأعراف جبل في الجنة عليه خواص المؤمنين كما هو أحد الأقوال لا يرد النقض، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك، وما ذكر من الجواب مبني على ما لا يخفى بعده، والداعي إلى التأويل اتحاد الشرط والجزاء الممتنع عندهم.

وقال بعض الكاملين: إن ما في النظم الجليل نظير قوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2