الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ }

أي والله لقد رأى الآيات الكبرى من آياته تعالى وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج ـ فالكبرى ـ صفة موصوف محذوف مفعول لرأى أقيمت مقامه بعد حذفه وقدر مجموعاً ليطابق الواقع، وجوز أن تكون { ٱلْكُبْرَىٰ } صفة المذكور على معنى: ولقد رأى بعضاً من الآيات الكبرى، ورجح الأول بأن المقام يقتضي التعظيم والمبالغة فينبغي أن يصرح بأن المرأي الآيات الكبرى وجوزت الوصفية المذكورة مع كون (من) مزيدة، وأنت تعلم أن زيادة (من) في الإثبات ليس مجمعاً على جوازه، وجاء في بعض الأخبار تعيين ما رأى عليه الصلاة والسلام، أخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وجماعة عن ابن مسعود أنه قال في / الآية رأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سد الأفق. وعن ابن زيد رأى جبريل عليه السلام في الصورة التي هو بها، والذي ينبغي أن لا يحمل ذلك على الحصر كما لا يخفى فقد رأى عليه الصلاة والسلام آيات كبرى ليلة المعراج لا تحصى ولا تكاد تستقصى.

هذا وفي الآيات أقوال غير ما تقدم، فعن الحسن أنشَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } [النجم: 5] هو الله تعالى، وجمع { ٱلْقُوَىٰ } للتعظيم ويفسر { ذُو مِرَّةٍ } عليه بذي حكمة ونحوه مما يليق أن يكون وصفاً له عز وجل، وجعل أبو حيان الضميرين في قوله تعالى:فَٱسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } [النجم: 6-7] عليه له سبحانه أيضاً. وقال: إن ذلك على معنى العظمة والقدرة والسلطان، ولعل الحسن يجعل الضمائر في قوله سبحانه:ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ } [النجم: 8ـ10] له عز وجل أيضاً، وكذا الضمير المنصوب في قوله تعالى:وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } [النجم: 13] فقد كان عليه الرحمة يحلف بالله تعالى لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه وفسر دنوه تعالى من النبـي صلى الله عليه وسلم برفع مكانته صلى الله عليه وسلم عنده سبحانه وتدليه جل وعلا بجذبه بشراشره إلى جانب القدس، ويقال لهذا الجذب: الفناء في الله تعالى عند المتأهلين، وأريد بنزوله سبحانه نوع من دنوه المعنوي جل شأنه. ومذهب السلف في مثل ذلك إرجاع علمه إلى الله تعالى بعد نفي التشبيه، وجوز أن تكون الضمائر فيدَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } [النجم: 8-9] على ما روي عن الحسن للنبـي صلى الله عليه وسلم، والمراد ثم دنا النبـي عليه الصلاة والسلام من ربه سبحانه فكان منه عز وجل قاب قوسين أو أدنى والضمائر في { فَأَوْحَىٰ } الخ لله تعالى، وقيل: { إِلَىٰ عَبْدِهِ } ولم يقل إليه للتفخيم، وأمر المتشابه قد علم.

وذهب غير واحد في وقوله تعالى:عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } [النجم: 5] إلى قوله سبحانه:

السابقالتالي
2 3 4 5