الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً }

أي الرياح التي تذرو التراب وغيره من ذرا المعتل بمعنى فرق وبدد ما رفعه عن مكانه.

{ فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } أي حملاً وهي السحب الحاملة للمطر.

{ فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } أي جرياً سهلاً إلى حيث سيرت وهي السفن.

{ فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } هي الملائكة الذين يقسمون الأمور بين الخلق على ما أمروا به.

وتفسير كل بما فسر به قد صح روايته من طرق عن علي كرم الله تعالى وجهه، وفي بعض الروايات أن ابن الكواء سأله عن ذلك وهو رضي الله تعالى عنه يخطب على المنبر فأجاب بما ذكر، وفي بعض الأخبار ما يدل على أنه تفسير مأثور عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

أخرج البزار والدارقطني في «الأفراد» وابن مردويه وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: «جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال: أخبرني عن { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن { ٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } قال: هي السحاب ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن { ٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } قال: هي السفن ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن { ٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } قال: هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى وحمله على قتب وكتب إلى أبـي موسى الأشعري امنع الناس من مجالسته فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئاً فكتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ما إخاله إلا قد صدق فخلى بينه وبين مجالسة الناس». ويدل هذا أن الرجل لم يكن سليم القلب وأن سؤاله لم يكن طلباً للعلم وإلا لم يصنع به عمر رضي الله تعالى عنه ما صنع.

وفي رواية عن ابن عباس أن الحاملات هي السفن الموقرة بالناس وأمتعتهم، وقيل: هي الحوامل من جميع الحيوانات، وقيل: الجاريات السحب تجري وتسير إلى حيث شاء الله عز وجل، وقيل: هي الكواكب / التي تجري في منازلها وكلها لها حركة وإن اختلفت سرعةً وبطأً كما بين في موضعه، وقيل: هي الكواكب السبعة الشهيرة وتسمى السيارة.

وقيل: { ٱلذَّارِيَاتِ } النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد كأنه شَبَّه تتابع الأولاد بما يتطاير من الرياح، وباقي المتعاطفات على ما سمعت أولاً، وقيل: { ٱلذَّارِيَاتِ } هي الأسباب التي تذري الخلائق على تشبيه الأسباب المعدة للبروز من العدم بالرياح المفرقة للحبوب ونحوها، وقيل: الحاملات الرياح الحاملة للسحاب، وقيل: هي الأسباب الحاملة لمسبباتها مجازاً، وقيل: الجاريات الرياح تجري في مهابها، وقيل: المقسمات السحب يقسم الله تعالى بها أرزاق العباد.

السابقالتالي
2 3