الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }

أي اذكر أو أنذر يوم الخ ـ فيوم ـ مفعول به لمقدر، وقيل: هو ظرف ـ لظلام ـ. وقال الزمخشري: يجوز أن ينتصب بـنُفِخَ } [قۤ: 20] كأنه قيل: ونفخ في الصور يوم، وعليه يشار بـذَلِكَ } [قۤ: 20] إلى { يَوْمَ نَقُولُ } لأن الإشارة إلى ما بعد جائزة لا سيما إذا كانت رتبته التقديم فكأنه قيل: ذلك اليوم أي يوم القول يوم الوعيد، ولا يحتاج إلى حذف على ما مر في الوجه الذي أشير به إلى النفخ. وهذا الوجه كما قال في «الكشف»: فيه بعد لبعده عن العامل وتخلل ما لا يصلح اعتراضاً على أن زمان النفخ ليس يوم القول إلا على سبيل فرضه ممتداً واقعاً ذلك في جزء منه وهذا في جزء وكل خلاف الظاهر فكيف إذا اجتمعت. وقال أبو حيان: ((هو بعيد جداً قد فصل عليه بين العامل والمعمول بجمل كثيرة فلا يناسب فصاحة القرآن الكريم وبلاغته)).

والظاهر إبقاء السؤال والجواب على حقيقتهما، وكذا في نظير ذلك من اشتكاء النار والإذن لها بنفسين وتحاج النار والجنة، ونحن متعبدون باعتقاد الظاهر ما لم لا يمنع مانع ولا مانع هٰهنا، فإن القدرة صالحة والعقل مجوز والظواهر قاضية بوقوع ماجوزه العقل، وأمور الآخرة لا ينبغي أن تقاس على أمور الدنيا.

وقال الرماني: الكلام على حذف مضاف أي نقول لخزنة جهنم، وليس بشي. وقال غير واحد: هو من باب التمثيل والمعنى أنها مع اتساعها وتباعد أقطارها نطرح فيها من الجنة والناس فوجاً بعد فوج حتى تمتلىء ولا تقبل الزيادة، فالاستفهام للإنكار أي لا مزيد على امتلائها وروي هذا عن ابن عباس ومجاهد والحسن، وجوز في نفي الزيادة أن يكون على ظاهره وأن يكون كناية أو مجازاً عن الاستكثار، وقيل: المعنى أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها فراغ وخلو، فالاستفهام للتقرير أي فيها موضع للمزيد لسعتها، وجوز أن يكون ذلك كناية عن شدة غيظها على العصاة كأنها طالبة لزيادتهم.

واستشكل دعوى أن فيها فراغاً بأنه مناف لصريح قوله تعالى:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [صۤ: 85] الآية. وأجيب بأنه / لا منافاة لأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو طبقة منها عمن يسكنها وإن كان فيها فراغ كثير كما يقال: إن البلدة ممتلئة بأهلها ليس فيها دار خالية مع ما بينها من الأبنية والأفضية أو إن ذلك باعتبار حالين فالفراغ في أول الدخول فيها ثم يساق إليها الشياطين ونحوهم فتمتلىء.

هذا ويدل غير ما حديث أنها تطلب الزيادة حقيقة إلا أنه لا يدري حقيقة ما يوضع فيها حتى تمتلىء إذ الأحاديث في ذلك من المتشابهات التي لا يراد بها ظواهرها عند الأكثرين.

السابقالتالي
2