الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

{ أُحِلَّ لَكُمُ } أيها المحرمون { صَيْدُ ٱلْبَحْرِ } أي ما يصاد في الماء بحراً كان أو نهراً أو غديراً وهو ما يكون توالده ومثواه في الماء مأكولاً كان أو غيره كما في «البدائع». وفي «مناسك الكرماني» الذي رخص من صيد البحر للمحرم هو السمك خاصة وأما نحو طيره فلا رخصة فيه له والأول هو الأصح { وَطَعَامُهُ } أي ما يطعم من صيده وهو عطف على { صَيْدُ } من عطف الخاص على العام. والمعنى أحل لكم التعرض لجميع ما يصاد في المياه والانتفاع به وأكل ما يؤكل منه وهو السمك عندنا وعند ابن أبـي ليلى الصيد والطعام على معناهما المصدري وقدر مضافاً في صيد البحر وجعل ضمير { طَعَامِهِ } راجعاً إليه لا إلى البحر أي أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه وتأكلوه فيحل عنده أكل جميع حيوانات البحر من حيث إنها حيواناته، وقيل: المراد بصيد البحر ما صيد ثم مات وبطعامه ما قذفه البحر ميتاً، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن عمر وقتادة قيل: المراد بالأول: الطري وبالثاني: المملوح. وسمي طعاماً لأنه يدخر ليطعم فصار كالمقتات به من الأغذية وروي ذلك عن ابن المسيب وابن جرير ومجاهد وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وفيه بعد. وأبعد منه كون المراد بطعامه ما ينبت بمائه من الزروع والثمار. وقرىء { وطعمه }.

{ مَتَـٰعاً لَّكُمْ } نصب على أنه مفعول له لأحل أي تمتيعاً. وجعله في «الكشاف» مختصاً بالطعام كما أن { نَافِلَةً } في باب الحال من قوله تعالى:وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } [الأنبياء: 72] مختص بيعقوب عليه السلام. والذي حمله على ذلك كما قال الشهاب مذهبه وهو مذهب إمامنا الأعظم رضي الله تعالى عنه من أن صيد البحر ينقسم إلى ما يؤكل وإلى ما لا يؤكل وأن طعامه هو المأكول منه إلا أنه أورد عليه أنه يؤدي إلى أن الفعل الواحد المسند إلى فاعلين متعاطفين يكون المفعول له المذكور بعدهما لأحدهما دون الآخر كقام زيد وعمرو إجلالاً لك على أن الإجلال مختص بقيام أحدهما وفيه إلباس. وأما الحال في الآية المذكورة فليست نظيرة لهذا لأن فيه قرينة عقلية ظاهرة لأن النافلة ولد الولد فلا تعلق لها بإسحٰق لأنه ولد صلب لإبراهيم عليهما السلام. وعلى غير مذهب الإمام لا اختصاص للمفعول له بأحدهما وهو ظاهر جلي. وقيل: نصب على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر أي متعكم به متاعاً، وقيل: مؤكد لمعنى { أَحَلَّ } فإنه في قوة متعكم به تمتيعاً كقوله:كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [النساء: 24] وقيل وليس بشيء: إنه حال مقدرة من طعام أي مستمتعاً به للمقيمين منكم يأكلونه طرياً { وَلِلسَّيَّارَةِ } منكم يتزودونه قديداً وهو مؤنث سيار باعتبار الجماعة كما قال الراغب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8