الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ } توحيد الضمير لاتحاد المرجع بالذات، أو لكونهما في حكم الواحد، أو لكون المراد يهدي بما ذكر، وتقديم المجرور للاهتمام نظراً إلى المقام وإظهار الاسم الجليل لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية، ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب، أو النصب على الحالية منه لتخصيصه بالصفة. وجوز أبو البقاء أن تكون حالاً من { رَسُولِنَا } بدلاً منيُبَيِّنُ } [المائدة: 15] وأن تكون حالاً من الضمير في { يُبَيِّنُ } ، وأن تكون حالاً من الضمير في { مُّبِينٌ } ، وأن تكون صفة لنور { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } أي من علم الله تعالى أنه يريد اتباع رضا الله تعالى بالإيمان به، و { مَنْ } موصولة أو موصوفة { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } أي طرق السلامة من كل مخافة ـ قاله الزجاج ـ فالسلام مصدر بمعنى السلامة. وعن الحسن والسدي أنه اسمه تعالى، ووضع المظهر موضع المضمر رداً على اليهود والنصارى الواصفين له سبحانه بالنقائص تعالى عما يقولون علواً كبيراً، والمراد حينئذٍ بسبله تعالى شرائعه سبحانه التي شرعها لعباده عز وجل، ونصبها قيل: على أنها مفعول ثان ليهدي على إسقاط حرف الجر نحووَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف: 155]. وقيل: إنها بدل من ـ رضوان ـ بدل كل من كل، أو بعض من كل أو اشتمال، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان، وقد قرىء بهما، و ـ السبل ـ بضم الباء والتسكين لغة، وقد قرىء به.

{ وَيُخْرِجُهُمْ } الضمير المنصوب عائد إلى { مَنِ } والجمع باعتبار المعنى كما أن إفراد الضمير المرفوع في { ٱتَّبَعُ } باعتبار اللفظ. { مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ } أي من فنون الكفر والضلال إلى الإيمان { بِإِذْنِهِ } أي بإرادته أو بتوفيقه. { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو دين الإسلام الموصل إلى الله تعالى ـ كما قال الحسن ـ وفي «إرشاد العقل السليم»، «وهذه الهداية عين الهداية إلى { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } وإنما عطفت عليها تنزيلاً للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي كما في قوله تعالى:وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } » [هود: 58].

وقال الجبائي: المراد بالصراط المستقيم طريق الجنة.