الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }

{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } وهم أهل الحديبية إلا جد بن قيس فإنه كان منافقاً ولم يبايع. وأصل هذه البيعة - وتسمى بيعة الرضوان لقول الله تعالى فيها: { لَّقَدْ رَضِيَ } الخ - أن النبـي صلى الله عليه وسلم لما نزل الحديبية بعث خراشاً - بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة وألف بعدها شين معجمة - ابن أمية الخزاعي رسولاً إلى أهل مكة وحمله على جمل له يقال له: الثعلب يُعْلِمهم أنه جاء معتمراً لا يريد قتالاً فلما أتاهم وكلمهم عقروا جمله وأرادوا قتله فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فدعا عمر رضي الله تعالى عنه ليبعثه فقال: يا رسول الله إن القوم قد عرفوا عداوتي لهم وغلظي عليهم وإني لا آمن وليس بمكة أحد من بني عدي يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وهم يحبونه وأنه يبلغ ما أردت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان فأرسله إلى قريش وقال: أخبرهم أنا لم نأت بقتال وإنما جئنا عُمَّاراً وادعهم إلى الإسلام وأمره عليه الصلاة والسلام أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيبشرهم بالفتح ويخبرهم أن الله تعالى قريباً يظهر دينه بمكة فذهب عثمان رضي الله تعالى عنه إلى قريش وكان قد لقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله عليها وأجاره فأتى قريشاً فأخبرهم فقالوا له إن شئت فطف بالبيت وأما دخولكم علينا فلا سبيل إليه فقال رضي الله تعالى عنه: ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتبسوه فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل فقال عليه الصلاة والسلام: لا نبرح حتى نناجز القوم ونادى مناديه عليه الصلاة والسلام أَلا إن روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبيعة فأخرجوا على اسم الله تعالى فبايعوه فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه، قال جابر كما في «صحيح مسلم» وغيره: بايعناه صلى الله عليه وسلم على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت. وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قيل: على أي شيء تبايعون يومئذ؟ قال: على الموت، وأخرج مسلم " عن معقل بن يسار أنه كان آخذاً بأغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبايع الناس.

وكان أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبا سنان وهو وهب بن محصن أخو عكاشة بن محصن، وقيل: سنان بن أبـي سنان، وروى الأول البيهقي في «الدلائل» عن الشعبـي وأنه قال للنبـي عليه الصلاة والسلام: ابسط يدك أبايعك فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: علام تبايعني؟ قال: على ما في نفسك "

السابقالتالي
2 3 4