الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ وَلِكُلّ } من الفريقين المذكورين في قوله تعالى:أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ } [الأحقاف: 16] وفي قوله سبحانه:أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } [الأحقاف: 18] وإن شئت فقل فيٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } [الأحقاف: 13] وٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ } [الأحقاف: 17] { دَرَجَـٰتٌ مّمَّا عَمِلُواْ } أي من جزاء ما عملوا، فالكلام بتقدير مضاف، والجار والمجرور صفة { دَرَجَـٰتٌ } و { مِنْ } بيانية أو ابتدائية و { مَا } موصولة أي من الذي عملوه من الخير والشر أو مصدرية أي من عملهم الخير والشر، ويجوز أن تكون { مِنْ } تعليلية بدون تقدير مضاف والجار والمجرور كما تقدم. والدرجات جمع درجة وهي نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود ودركاً إذا اعتبرت بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنة ودركات النار. / والتعبير بالدرجات كما قال غير واحد على وجه التغليب لاشتمال { كُلٌّ } على الفريقين أي لكل منازل ومراتب سواء كانت درجات أو دركات، وإنما غلب أصحاب الدرجات لأنهم الأحقاء به لا سيما، وقد ذُكِر جزاؤهم مراراً وجزاء المقابل مرة.

{ وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } أي جزاء أعمالهم والفاعل ضميره تعالى. وقرأ الأعمش والأعرج وشيبة وأبو جعفر والأخوان وابن ذكوان ونافع بخلاف عنه { لنوفيهم } بنون العظمة، وقرأ السلمي بتاء فوقية على الإسناد للدرجات مجازاً.

{ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب وزيادة عقاب، وقد مر الكلام في مثله غير مرة. والجملة حال مؤكدة للتوفية أو استئناف مقرر لها، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل: وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم فعل ما فعل من تقدير الأَجزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات.