الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَٰتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

{ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءايَـٰتِنَا شَيْئاً } وإذا بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها. { ٱتَّخَذَهَا هُزُواً } بادر إلى الاستهزاء بالآيات كلها ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه، وجوز أن يكون المعنى وإذا علم من آياتنا شيئاً يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة افترصه واتخذ آيات الله تعالى هزواً وذلك نحو اعتراض ابن الزبعرى في قوله تعالى:إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [الأنبياء: 98] ومغالطته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله على ما بعض الروايات: خصمتك، فضمير { ٱتَّخَذَهَا } على الوجهين للآيات، والفرق بينهما أن { شَيْئاً } على الثاني فيه تخصيص لقرينة { ٱتَّخَذَهَا هُزُواً } إذ لا يحتمل إلا ما يحسن أن يخيل فيه ذلك ثم يجعله دستوراً للباقي فيقول: الكل من هذا القبيل، وفرق بين الوجهين أيضاً بأن الأول الاتخاذ قبل التأمل وفي الثاني بعده وبعد تمييز آية عن أخرى. وقيل: الاستهزاء بما علمه من الآيات إلا أنه أرجع الضمير إلى الآيات لأن الاستهزاء بواحدة منها استهزاء بكلها لما بينها من التماثل. وجوز أن يرجع الضمير إلى شيء والتأنيث لأنه بمعنى الآية كقول أبـي العتاهية:
نفسي بشيء من الدنيا معلقة   الله والقائم المهدي يكفيها
يعني الشيء وأراد به عتبة جارية للمهدي من حظاياه وكان أبو العتاهية يهواها فقال ما قال. وقرأ قتادة ومطر الوراق { علم } بضم العين وشد اللام مبنياً للمفعول.

{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلىأَفَّاكٍ أَثِيمٍ } [الجاثية: 7] من حيث الاتصاف بما ذكر من القبائح، والجمع باعتبار الشمول للكل كما في قوله تعالى:كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [الروم: 32] كما أن الإفراد فيما سبق من الضمائر باعتبار كل واحد واحد، وأداة البعد للإشارة إلى بعد منزلتهم في الشر. { لَهُمْ } بسبب جناياتهم المذكورة { عَذَابٌ مُّهِينٌ } وصف العذاب بالإهانة توفية لحق استكبارهم واستهزائهم / بآيات الله عز وجل.