الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ }

{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } أي ساكناً كما قال ابن عباس يقال رها البحر يرهو رهواً سكن ويقال: جاءت الخيل رهواً أي ساكنة، قال الشاعر:
والخيل تمزع رهواً في أعنتها   كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد
ويقال افعل ذلك رهواً أي ساكناً على هينة وأنشد غير واحد للقطامي في نعت الركاب:
يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلة   ولا الصدور على الاعجاز تتكل
والظاهر أنه مصدر في الأصل يؤول باسم الفاعل، وجوز أن يكون بمعنى الساكن حقيقة وعن مجاهد رهواً أي منفرجاً مفتوحاً قال أبو عبيدة رها الرجل يرهو رهواً فتح بين رجليه، وعن بعض العرب أنه رأى جملاً فالجاً أي ذا سنامين فقال: سبحان الله تعالى رهو بين سنامين قالوا: أراد فرجة واسعة، والظاهر أيضاً أنه مصدر مؤول أو فيه مضاف مقدر أي ذا فرجة قال قتادة: أراد موسى عليه السلام بعد أن جاوز البحر هو ومن معه أن يضربه بعصاه حتى يلتئم كما ضربه أولاً فانفلق لئلا يتبعه فرعون وجنوده فأمر بأن يتركه رهواً أي مفتوحاً منفرجاً أو ساكناً على هيئته قاراً على حاله من انتصاب الماء وكون الطريق يبساً ولا / يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئاً ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم، وذلك قوله تعالى:

{ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } فهو تعليل للأمر بتركه رهواً، وقيل: رهواً سهلاً، وقيل: يابساً، وقيل: جدداً، وقيل غير ذلك والكل بيان لحاصل المعنى، وزعم الراغب ((أن الصحيح أن الرهو السعة من الطريق ثم قال: ومنه الرهاء المفازة المستوية ويقال لكل جوبة مستوية يجتمع فيها الماء رهو ومنه قيل «لا شفعة في رهو»)) والحق أن ما ذكره من جملة إطلاقاته وأما أنه الصحيح فلا وقرىء { أنهم } بالفتح أي لأنهم.