الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ }

{ أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } أطلقوهم وسلموهم إليَّ، والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون مستعبدهم، والتعبير عنهم بعباد الله تعالى للإشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه، والأداء مجاز عما ذكر، وهذا كقوله عليه السلامفَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ } [طه: 47] وروي ذلك عن ابن زيد ومجاهد وقتادة أو أدوا إليَّ حق الله تعالى من الإيمان وقبول الدعوة يا عباد الله على أن مفعول { أَدُّواْ } محذوف و { عِبَادَ } منادى وهو عام لبني إسرائيل والقبط، والأداء بمعنى الفعل للطاعة وقبول الدعوة وروي هذا عن ابن عباس.

و(أن) عليهما قيل مصدرية قبلها حرف جر مقدر متعلق بجاءهم أي بأن أدوا، وتعقب بأنه لا معنى لقولك: جاءهم بالتأدية إليَّ، وحمله على طلب التأدية إليَّ لا يخلو عن تعسف ورد بأنه بتقدير القول وهو شائع مطرد فتقديره بأن قال أدوا إليَّ ولا يخلو عن تكلف ما، ومع هذا، الأمرُ مبني على جواز وصل المصدرية بالأمر والنهي وهو غير متفق عليه، نعم الأصح الجواز.

وقيل: هي مخففة من الثقيلة، وتعقب بأنها حينئذ يقدر معها ضمير الشأن ومفسره لا يكون إلا جملة خبرية وأيضاً لا بد أن يقع بعدها النفي أوقد أو السين أو سوف أو لو وأن يتقدمها فعل قلبـي ونحوه وأجيب بأن مجيء الرسول يتضمن معنى فعل التحقيق كالأعلام والفصل المذكور غير متفق عليه، فقد ذهب المبرد تبعاً للبغاددة إلى عدم اشتراطه، والقول بأنه شاذ يصان القرآن عن مثله غير مسلم واشتراط كون مفسر ضمير الشأن جملة خبرية، فيه خلاف على ما يفهم من كلام بعضهم، ولم يذكر في «المغني» في الباب الرابع في الكلام على ضمير الشأن إلا اشتراط كون مفسره جملة ولم يشترط فيها الخبرية ولم يتعرض لخلاف، نعم قال في الباب الخامس: النوع الثامن ((اشتراطهم في بعض الجملة الخبرية وفي بعضها الإنشائية وعدَّ من الأول خبر إن وضمير الشأن لكنه قال بعد: وينبغي أن يستثنى من ذلك في خبري إن وضمير الشأن خبر أن المفتوحة إذا خففت فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كقوله تعالى:وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } [النور: 9] في قراءة من قرأ أنْ وغَضِبَ بالفعل والاسم الجليل فاعل)). وحقق بعض الأجلة أن الإخبار عن ضمير الشأن بجملة إنشائية جائز عند الزمخشري، أو هي مفسرة وقد تقدم ما يدل على القول دون حروفه لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة وكأن التفسير لمتعلقه المقدر أي جاءهم بالدعوة وهي { أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } { إِنّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ }.