الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }

{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } استعجال إنكار واستهزاء، كانوا يقولون: متى هي؟ ليتها قامت حتى يظهر لنا [الحق] أهو الذي نحن عليه أم كالذي عليه محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه؟ { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي خائفون منها مع اعتناء بها فإن الإشفاق عناية مختلطة بخوف فإذا عدي بمن كما هنا فمعنى الخوف فيه أظهر وإذا عدي بعلى فمعنى العناية أظهر، وعنايتهم بها لتوقع الثواب، وزعم الجلبـي أن الآية من الاحتباك والأصل يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها فلا يشفقون منها والذين آمنوا مشفقون منها فلا يستعجلون بها { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ } الأمر المتحقق الكائن لا محالة.

{ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ } أي يجادلون فيها، وأصله من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها للحلب، وإطلاق المماراة على المجادلة لأن كلاً من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه، ويجوز أن يكون من المرية التردد في الأمر وهو أخص من الشك ومعنى المفاعلة غير مقصود فالمعنى إن الذين يترددون في أمر الساعة ويشكون فيه { لَفِي ضَلَـٰل بَعِيدٍ } عن الحق فإن البعث أقرب الغائبات بالمحسوسات لأنه يعلم من تجويزه من إحياء الأرض بعد موتها وغير ذلك، فمن لم يهتد إليه فهو عن الاهتداء إلى ما وراءه أبعد وأبعد.