الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ }

{ أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَاء رَبّهِمْ } أي في شك عظيم من ذلك بالبعث لاستبعادهم إعادة الموتى بعد تبدد أجزائهم وتفرق أعضائهم فلا يلتفتون إلى أدلة ما ينفعهم عند لقائه تعالى كحقية القرآن لأنه صريح في أن عدم الكفاية معتبر بالنسبة إليهم.

وقوله تعالى: { أَلاَ إِنَّهُ بِكُلّ شَيْء مُّحِيطُ } لبيان ما يترتب على تلك المرية بناء على أن المعنى أنه تعالى عالم بجميع الأشياء على أكمل وجه فلا يخفى عليه جل وعلا خافية منهم فيجازيهم جل جلاله على كفرهم ومريتهم لا محالة. وقيل: دفع لمريتهم وشكهم في البعث وإعادة ما تفرق واختلط مما يتوهمون عدم إمكان تمييزه أي أنه تعالى عالم بجمل الأشياء وتفاصيلها مقتدر عليها لا يفوته شيء منها فهو سبحانه يعلم الأجزاء ويقدر على البعث.

هذا وما ذكر في تفسيرسَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِي ٱلأَفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ } [فصلت: 53] في معنى ما روي عن الحسن ومجاهد والسدي وأبـي المنهال وجماعة قالوا: إن قوله سبحانه: { سَنُرِيهِمْ } الخ وعيد للكفار بما يفتحه الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم من الأقطار حول مكة وفي غير ذلك من الأرض كخيبر وأراد بقوله تعالى: { فِي أَنفُسِهِمْ } فتح مكة، وقال الضحاك وقتادة: في الآفاق ما أصاب الأمم المكذبة في أقطار الأرض قديماً وفي أنفسهم ما كان يوم بدر فإن في ذلك دلالة على نصرة من جاء بالحق وكذب من الأنبياء عليهم السلام فيدل على حقية النبـي صلى الله عليه وسلم وما جاء به من القرآن. وأورد عليه أن { سَنُرِيهِمْ } يأبى كون ما في الآفاق ما أصاب الأمم المكذبة لكونه مرئياً لهم قبل.

وقال عطاء وابن زيد: إن معنى { سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِي ٱلاْفَاقِ } أي أقطار السماء والأرض من الشمس والقمر وسائر الكواكب والرياح والجبال الشامخة وغير ذلك وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، وضعف ذلك الإمام بنحو ما سمعت آنفاً. وأجيب بأن القوم وإن كانوا قد رأوا تلك الآيات إلا أن العجائب التي أودعها الله تعالى فيها مما لا نهاية لها فهو سبحانه يطلعهم عليها زماناً قريباً حالاً فحالاً فإن كل أحد يشاهد بنية الإنسان إلا أن العجائب المودعة في تركيبها لا تحصى وأكثر الناس غافلون عنها فمن حمل على التفكير فيها بالقوارع التنزيلية والتنبيهات الإلهية كلما ازداد تفكراً ازداد وقوفاً فصح معنى الاستقبال.

واختار ذلك صاحب «الكشف» تبعاً لغيره وبين وجه مناسبة الآيات لما قبلها عليه، وجعل ضمير { أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } لله / عز وجل فقال: إن في قوله تعالى:قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } [الأحقاف: 10] إشعاراً بأن كونه من عنده سبحانه ينافي الكفر به وأنهم مسلمون ذلك لكن يطعنون في كونه من عنده عز وجل ولذا جعل نحو { أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } في جواب قولهم

السابقالتالي
2 3 4