الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ } أي إلى توحيده تعالى وطاعته والظاهر العموم في كل داع إلى تعالى، وإلى ذلك ذهب الحسن ومقاتل وجماعة، وقيل: بالخصوص فقال ابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه أيضاً هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقالت عائشة وقيس بن أبـي حازم وعكرمة ومجاهد: نزلت في المؤذنين، وينبغي أن يتأول قولهم على أنهم داخلون في الآية وإلا فالسورة بكمالها مكية بلا خلاف ولم يكن الأذان بمكة إنما شرع بالمدينة، والتزام القول بتأخر حكمها عن نزولها كما ترى. والظاهر أن المراد الدعاء باللسان، قيل: به وباليد كأن يدعو إلى الإسلام ويجاهد، ((وقال زيد بن علي: دعا إلى الله بالسيف، ولعل هذا والله تعالى أعلم هو الذي حمله على الخروج بالسيف على بعض الظلمة من ملوك بني أمية، وكان زيد هذا رضي الله تعالى عنه عالماً بكتاب الله تعالى وله «تفسير» ألقاه على بعض النقلة عنه وهو في حبس هشام بن عبد الملك وفيه من العلم والاستشهاد بكلام العرب حظ وافر. ويقال: إنه كان إذا تناظر هو وأخوه محمد الباقر اجتمع الناس بالمحابر يكتبون ما يصدر عنهما من العلم رحمهما الله تعالى ورضي عنهما))، والاستفهام في معنى النفي أي لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى الله.

{ وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } أي عملاً صالحاً أي عمل صالح كان. وقال أبو أمامة: صلى بين الأذان والإقامة، ولا يخفى ما فيه، وقال عكرمة: صلى وصام، وقال الكلبـي: أدى الفرائض والحق العموم { وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي تلفظ بذلك ابتهاجاً بأنه منهم وتفاخراً به مع قصد الثواب إذ هو لا ينافيه أو جعل واتخذ الإسلام ديناً له من قولهم: هذا قول فلان أي مذهبه ومعتقده، وبعضهم يرجع الوجهين إلى وجه واحد، والمعنى على القول بكون الآية خاصة بالنبـي صلى الله عليه وسلم / اختار النسبة إلى الإسلام دون عز الدنيا وشرفها وهو قولهم ردلاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [فصلت: 26] وتعجيب منه. وقرأ ابن أبـي عبلة وإبراهيم بن نوح عن قتيبة الميال { وَقَالَ إِني } بنون مشددة دون نون الوقاية.

واستدل أبو بكر بن العربـي بالآية على عدم اشتراط الاستثناء في قول القائل: أنا مسلم أو أنا مؤمن. وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي للداعي إلى الله تعالى أن يكون عاملاً عملاً صالحاً ليكون الناس إلى قبول دعائه أقرب وإليه أسكن.