الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }

{ فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } شروع في تفصيل ما لكل واحدة من الطائفتين من الجناية والعذاب، ولتفرع التفصيل على الإجمال قرن بفاء السببية، وبدىء بقصة عاد لأنها أقدم زماناً أي فأما عاد فتعظموا في الأرض التي لا ينبغي التعظيم فيها على أهلها { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } أي بغير استحقاق للتعظم. / وقيل: تعظموا عن امتثال أمر الله عز وجل وقبول ما جاءتهم به الرسل { وَقَالُواْ } اغتراراً بقوتهم: { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أي لا أشد منا قوة فالاستفهام إنكاري، وهذا بيان لاستحقاقهم العظمة وجواب الرسل عما خوفوهم به من العذاب، وكانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم وقد بلغ من قوتهم أن الرجل كان ينزع الصخرة من الجبل ويرفعها بيده.

{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ } أي أغفلوا وألم ينظروا ولم يعلموا علماً جلياً شبيهاً بالمشاهدة والعيان { أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } قدرة فإنه تعالى قادر بالذات مقتدر على ما لا يتناهى قوي على ما لا يقدر عليه غيره عز وجل مفيض للقوة والقدر على كل قوي وقادر، وفي هذا إيماء إلى أن ما خوفهم به الرسل ليس من عند أنفسهم بناء على قوة منهم وإنما هو من الله تعالى خالق القوى والقدر وهم يعلمون أنه عز وجل أشد قوة منهم، وتفسير القوة بالقدرة لأنه أحد معانيها كما يشير إليه كلام الراغب. وزعم بعضهم أن القوة عَرَضٌ ينزه الله تعالى عنه لكنها مستلزمة للقدرة فلذا عبر عنها بها مشاكلة. وأورد في حيز الصلة { خَلْقَهُمْ } دون خلق السمٰوات والأرض لادعائهم الشدة في القوة، وفيه ضرب من التهكم بهم.

{ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } أي ينكرونها وهم يعرفون حقيتها وهو عطف على { فَٱسْتَكْبَرُواْ } أو { قَالُواْ } فجملة { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } الخ مع ما عطف هو عليه اعتراض، وجوز أن يكون هو وحده اعتراضاً والواو اعتراضية لا عاطفة.