الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } في ضمن خلق آدم عليه السلام منه حسبما مر تحقيقه { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي ثم خلقكم خلقاً تفصيلياً من نطفة أي من مني { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } قطعة دم جامد { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } أي أطفالاً وهو اسم جنس صادق على القليل والكثير. وفي «المصباح»: قال ابن الأنباري: يكون الطفل بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والجمع ويجوز فيه المطابقة أيضاً؛ وقيل: إنه أفرد بتأويل خلق كل فرد من هذا النوع ثم يخرج كل فرد منه طفلاً { ثُمَّ لِتَـبْلُغُواْ أَشُدَّكُـمْ } اللام فيه متعلقة بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا وذلك المحذوف عطف على { يُخْرِجُكُمْ } وجوز أن يكون { لِتَـبْلُغُواْ } عطفاً على علة مقدرة ليخرجكم كأنه قيل: ثم يخرجكم لتكبروا شيئاً فشيئاً ثم لتبلغوا أشدكم وكمالكم في القوة والعقل، وكذا الكلام في قوله تعالى: { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً } ويجوز عطفه على { لِتَـبْلُغُواْ }. وقرأ ابن كثير وابن ذكوان وأبو بكر وحمزة والكسائي { شيوخاً } بكسر الشين. وقرىء { شيخًا } كقوله تعالى: { طِفْلاً }.

{ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ } أي من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الأشد أو قبله أيضاً { وَلِتَبْلُغُواْ } متعلق بفعل مقدر بعده أي ولتبلغوا { أَجَلاً مُّسَمًّى } هو يوم القيامة بفعل ذلك الخلق من تراب وما بعده من الأطوار، وهو عطف على { خَلَقَكُمْ } والمراد من يوم القيامة ما فيه من الجزاء فإن الخلق ما خلقوا إلا ليعبدوا ثم يبلغوا الجزاء، وتفسير الأجل المسمى بذلك مروي عن الحسن، وقال بعض: هو يوم الموت. وتعقب بأن وقت الموت فهم من ذكر التوفي قبله فالأولى تفسيره بما تقدم، وظاهر صنيع الزمخشري ترجيح هذا على ما بين في «الكشف» { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } ولكي تعقلوا ما في ذلك التنقل في الأطوار من فنون الحكم والعبر. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال: أي ولعلكم تعقلون عن ربكم أنه يحييكم كما أماتكم.