الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ }

وقوله تعالى: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } الخ كلام مستأنف مسوق من جهته تعالى لبيان أن ما أصاب الكفرة من العذاب المحكي من فروع حكم كلي تقتضيه الحكمة هو أن شأننا المستمر أننا ننصر رسلنا وأتباعهم { فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا } بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبـي وغير ذلك من العقوبات، ولا يقدح في ذلك ما قد يتفق للكفرة من صورة الغلبة امتحاناً إذ العبرة إنما هي بالعواقب وغالب الأمر، وقد تقدم تمام الكلام في ذلك فتذكر.

{ وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ } أي ويوم القيامة عبر عنه بذلك للإشعار بكيفية النصرة وأنها تكون عند جمع الأولين والآخرين وشهادة الأشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب، فالأشهاد جمع شهيد بمعنى شاهد كأشراف جميع شريف، وقيل: جمع شاهد بناء على أن فاعلاً قد يجمع على أفعال، وبعض من لم يجوز يقول: هو جمع شهد بالسكون اسم جمع لشاهد كما قالوا في صحب بالسكون اسم جمع لصاحب. وفسر بعضهم { ٱلأَشْهَـٰدُ } بالجوارح وليس بذاك، وهو عليهما من الشهادة، وقيل: هو من المشاهدة بمعنى الحضور. وفي «الحواشي الخفاجية» أن النصرة في الآخرة لا تتخلف أصلاً بخلافها في الدنيا فإن الحرب فيها سجال وإن كانت العاقبة للمتقين ولذا دخلت { فِي } على { ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا } دون قرينه لأن الظرف المجرور بفي لا يستوعب كالمنصوب على الظرفية كما ذكره الأصوليون انتهى، وفيه بحث.

/ قرأ ابن هرمز وإسماعيل وهي رواية عن أبـي عمرو { تقوم } بتاء التأنيث على معنى جماعة الأشهاد.