الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً }

{ أُوْلَـٰئِكَ } أي المنافقون المذكورون { ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِى قُلُوبِهِمْ } من فنون الشرور المنافية لما أظهروا لك من (بنات غير وجاءوا به من أذنى عناق) { فَأَعْرِضْ } حيث كانت حالهم كذلك { عَنْهُمْ } أي قبول عذرهم، ويلزم ذلك الإعراض عن طلبهم دم القتيل لأنه هدر، وقيل: عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم، ولا تظهر لهم علمك بما في بواطنهم الخبيثة حتى يبقوا على نيران الوجل { وَعِظْهُمْ } بلسانك وكفهم عن النفاق { وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ } أي قل لهم خالياً لا يكون معهم أحد لأنه أدعى إلى قبول النصيحة، ولذا قيل: النصح بين الملأ تقريع، أو قل لهم في شأن أنفسهم ومعناها { قَوْلاً بَلِيغاً } مؤثراً واصلا إلى كنه المراد مطابقاً لما سيق له من المقصود فالظرف على التقديرين متعلق بالأمر. وقيل: متعلق بـ { بَلِيغاً } وهو ظاهر على مذهب الكوفيين، والبصريون لا يجيزون ذلك لأن معمول الصفة عندهم لا يتقدم على الموصوف لأن المعمول إنما يتقدم حيث يصح تقدم عامله، وقيل: إنه إنما يصح إذا كان ظرفاً وقواه البعض، وقيل: إنه متعلق بمحذوف يفسره المذكور ـ وفيه بعد ـ والمعنى على تقدير التعلق: قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً فيها يغتمون به اغتماماً، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً، وهو التوعد بالقتل والاستئصال، والإيذان بأن ما انطوت عليه قلوبهم الخبيثة من الشر والنفاق بمرأى من الله تعالى ومسمع ـ غير خاف عليه سبحانه ـ وإن ذلك مستوجب (لما تشيب منه النواصي، وإنما هذه المكافة) والتأخير لإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر، ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق (لتسامرنهم السمر والبيض، وليضيقن عليهم رحب الفلا بالبلاء العريض)، واستدل بالآية الأولى على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد /من الذنوب، ثم اختلف في ذلك فقال الجبائي: لا يكون ذلك إلا عقوبة في التائب، وقال أبو هاشم: يكون ذلك لطفاً. وقال القاضي عبد الجبار: قد يكون لطفاً وقد يكون جزاءاً وهو موقوف على الدليل.