الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

{ ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء } أي شأنهم القيام عليهن قيام الولاة على الرعية بالأمر والنهي ونحو ذلك. واختيار الجملة الإسمية مع صيغة المبالغة للإيذان بعراقتهم ورسوخهم في الاتصاف بما أسند إليهم، وفي الكلام إشارة إلى سبب استحقاق الرجال الزيادة في الميراث كما أن فيما تقدم رمزاً إلى تفاوت مراتب الاستحقاق، وعلل سبحانه الحكم بأمرين: وهبي وكسبي فقال عز شأنه: { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } فالباء للسببية وهي متعلقة بـ { قَوَّامُونَ } كعلى ولا محذور أصلاً، وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالاً من ضميره والباء للسببية أو للملابسة و (ما) مصدرية وضمير الجمع لكلا الفريقين تغليباً أي قوّامون عليهن بسبب تفضيل الله تعالى إياهم عليهن، أو مستحقين ذلك بسبب التفضيل، أو متلبسين بالتفضيل، وعدل عن الضمير فلم يقل سبحانه بما فضلهم الله عليهن للإشعار بغاية ظهور الأمر وعدم الحاجة إلى التصريح بالمفضل والمفضل عليه بالكلية، وقيل: للإبهام للإشارة إلى أن بعض النساء أفضل من كثير من الرجال وليس بشيء، وكذا لم يصرح سبحانه بما به التفضيل رمزاً إلى أنه غني عن التفصيل، وقد ورد أنهن ناقصات عقل ودين، والرجال بعكسهن كما لا يخفى، ولذا خصوا بالرسالة والنبوة على الأشهر، وبالإمامة الكبرى والصغرى، وإقامة الشعائر كالأذان والإقامة والخطبة والجمعة وتكبيرات التشريق عند إمامنا الأعظم ـ والاستبداد بالفراق وبالنكاح عند الشافعية ـ وبالشهادة في أمهات القضايا وزيادة السهم في الميراث والتعصيب إلى غير ذلك { وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } عطف على ما قبله فالباء متعلقة بما تعلقت به الباء الأولى، و (ما) مصدرية أو موصولة وعائدها محذوف، و { مِنْ } تبعيضية أو ابتدائية متعلقة ـ بأنفقوا ـ أو بمحذوف وقع حالاً من العائد المحذوف وأريد بالمنفق ـ كما قال مجاهد ـ المهر، ويجوز أن يراد بما أنفقوه ما يعمه، والنفقة عليهنّ، والآية ـ كما روي عن مقاتل ـ " نزلت في سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء، وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبـي زهير وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: أفرشته كريمتي فلطمها فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: لتقتص من زوجها، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: «ارجعوا هذا جبرائيل عليه السلام أتاني وأنزل الله هذه الآية فتلاها صلى الله عليه وسلم ثم قال: أردنا أمراً وأراد الله تعالى أمراً والذي أراده الله تعالى خير " / وقال الكلبـي: نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن سلمة وذكر القصة، وقال بعضهم: نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبـيّ وزوجها ثابت بن قيس بن شماس، وذكر قريباً منه، واستدل بالآية على أن للزوج تأديب زوجته ومنعها من الخروج وأن عليها طاعته إلا في معصية الله تعالى، وفي الخبر

السابقالتالي
2 3 4