الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ وَبَنَـٰتُكُمْ وَأَخَوٰتُكُمْ وَعَمَّـٰتُكُمْ وَخَـٰلَـٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ } ليس المراد تحريم ذاتهن لأن الحرمة وأخواتها إنما تتعلق بأفعال المكلفين، فالكلام على حذف مضاف بدلالة العقل، والمراد تحريم نكاحهن لأنه معظم ما يقصد منهن ولأنه المتبادر إلى الفهم ولأن ما قبله وما بعده في النكاح، ولو لم يكن المراد هذا كأن تخلل أجنبـي بينهما من غير نكتة فلا إجمال في الآية خلافاً للكرخي، والجملة إنشائية وليس المقصود منها الإخبار عن التحريم في الزمان الماضي؛ وقال بعض المحققين: لا مانع من كونها إخبارية والفعل الماضي فيها مثله في التعاريف نحو الاسم ما دل على معنى في نفسه ولم يقترن بأحد الأزمنة، والفعل ما دل واقترن، فإنهم صرحوا أن الجملة الماضوية هناك خبرية وإلا لما صح كونها صلة الموصول مع أنه لم يقصد من الفعل فيها الدلالة على الزمان الماضي فقط، وإلا للزم أن يكون حال المعرف في الزمان الحال والمستقبل ليس ذلك الحال، وبنى الفعل لما لم يسم فاعله لأنه لا يشتبه أن المحرم هو الله تعالى.

و { أُمَّهَـٰتِكُمْ } تعم الجدات كيف كنّ إذ الأم هي الأصل في الأصل ـ كأم الكتاب وأم القرى ـ فتثبت حرمة الجدات بموضوع اللفظ وحقيقته لأن الأم على هذا من قبيل المشكك، وذهب بعضهم إلى أن إطلاق الأم على الجدة مجاز، وأن إثبات حرمة الجدات بالإجماع، والتحقيق أن الأم مراد به الأصل على كل حال لأنه إن استعمل فيه حقيقة فظاهر، وإلا فيجب أن يحكم بإرادته مجازاً فتدخل الجدات في عموم المجاز والمعرف لإرادة ذلك في النص الإجماع على حرمتهن.

/ والمراد بالبنات من ولدتها أو ولدت من ولدها؛ وتسمية الثانية بنتاً حقيقة باعتبار أن البنت يراد به الفرع ـ كما قيل به ـ فيتناولها النص حقيقة أو مجازاً عند البعض، أو عند الكل، ومن منع إطلاق البنت على الفرع مطلقاً قال: إن ثبوت حرمة بنات الأولاد بالإجماع، وقد يستدل على تحريم الجدات وبنات الأولاد بدلالة النص المحرم للعمات والخالات وبنات الأخ والأخت، ففي الأول: لأن الأشِقّاءَ منهن أولاد الجدات فتحريم الجدات وهن أقرب أولى، وفي الثاني: لأن بنات الأولاد أقرب من بنات الأخوة، ثم ظاهر النص يدل على أنه يحرم للرجل بنته من الزنا لأنها بنته، والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل ـ كلفظ الصلاة ونحوه ـ فيصير منقولاً شرعياً، وفي ذلك خلاف الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فقد قال: إن المخلوقة من ماء الزنا تحل للزاني لأنها أجنبية عنه إذ لا يثبت لها توارث ولا غيره من أحكام النسب، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش» وهو يقتضي حصر النسب في الفراش.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد