الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً }

{ وَرُسُلاً } نصب بمضمر أي أرسلنا رسلاً؛ والقرينة عليه قوله سبحانه:أَوْحَيْنَا } [النساء: 163] السابق لاستلزامه الإرسال، وهو معطوف عليه داخل معه في حكم التشبيه، وقيل: القرينة قوله تعالى: { قَدْ قَصَصْنَـٰهُمْ عَلَيْكَ } لا أنه منصوب ـ بقصصنا ـ بحذف مضاف أي قصصنا أخبار رسل، ولا أنه منصوب بنزع الخافض أي كما أوحينا إلى نوح وإلى رسل ـ كما قيل ـ لخلوه عما في الوجه الأول من تحقيق المماثلة بين شأنه صلى الله عليه وسلم وبين شؤون من يعترفون بنبوته من الأنبياء عليهم السلام في مطلق الإيحاء، ثم في إيتاء الكتاب، ثم في الإرسال، فإن قوله سبحانه:إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } [النساء: 163] منتظم لمعنىءاتَيْنَـٰكَ } [طه: 99] وأَرْسَلْنَـٰكَ } [البقرة: 119] حتماً فكأنه قيل: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى فلان وفلان، وآتيناك مثل ما آتينا فلاناً، وأرسلناك مثل ما أرسلنا الرسل الذي قصصناهم وغيرهم ولا تفاوت بينك وبينهم في حقيقة الإيحاء والإرسال فما للكفرة يسألونك شيئاً لم يعطه أحد من هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام؟ ومعنى قصهم عليه عليه الصلاة والسلام حكاية أخبارهم له وتعريف شأنهم وأمورهم { مِن قَبْلُ } أي من قبل هذه السورة أو اليوم، قيل: قصهم عليه صلى الله عليه وسلم بمكة في سورة الأنعام [83ـ86] وغيرها، وقال بعضهم: قصهم سبحانه عليه عليه الصلاة والسلام بالوحي في غير القرآن ثم قصهم عليهم بعد في القرآن.

{ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } أي من قبل فلا تنافي الآية ما ورد في الخبر من أن الرسل ثلثمائة وثلاثة عشر، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، وعن كعب أنهم ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً لأن نفي قصهم من قبل لا يستلزم نفي قصهم مطلقاً، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام، فيمكن أن يكون قصهم عليه صلى الله عليه وسلم بعد فعلمهم، فأخبر بما أخبر على أن القبلية تفهم من الكلام ولو لم تكن في القابل لأن { لَمْ } في المشهور إذا دخلت على المضارع تقلب معناه للمضي على أن القص ذكر الأخبار، ولا يلزم من نفي ذكر أخبارهم له صلى الله عليه وسلم نفي ذكر عددهم مجرداً من ذكر الأخبار والقصص، فيمكن أن يقال: لم يذكر سبحانه له صلى الله عليه وسلم أخبارهم أصلاً لكن ذكر جل شأنه له عليه الصلاة والسلام أنهم كذا رجلاً فاندفع ما توهمه بعض المعاصرين من أن الآية نص في عدم علمه وحاشاه عليه الصلاة والسلام / عدة المرسلين عليهم الصلاة والسلام فيأخذ بها ويرد الحديث وكأن الذي أوقعه في الوهم كلام بعض المحققين والأولى أن لا يقتصر على عدد الآية، فأخطأ في الفهم ومات في ربقة التقليد نسأل الله تعالى العافية.

السابقالتالي
2