الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ } الخ من تمام الكلام المأمور به في قول، وأم إما متصلة قد حذف معادلها ثقة بدلالة مساق الكلام عليه كأنه قيل له تأكيداً للتهديد وتهكماً به أأنت أحسن حالاً ومآلاً أم من هو قائم بمواجب الطاعات ودائم على وظائف العبادات في ساعات الليل التي فيها العبادة أقرب إلى القبول / وأبعد عن الرياء حالتي السراء والضراء لا عند مساس الضر فقط كدأبك حال كونه { سَـٰجِداً وَقَائِماً } وإلى كون المحذوف المعادل الأول ذهب الأخفش ووافقه غير واحد ولا بأس به عند ظهور المعنى لكن قال أبو حيان: إن مثل ذلك يحتاج إلى سماع من العرب. ونصب { سَـٰجِداً وَقَائِماً } على الحالية كما أشير إليه أي جامعاً بين الوصفين المحمودين وصاحب الحال الضمير المستتر في { قَانِتٌ }. وجوز كون الحال من ضمير { يَحْذَرُ } الآتي قدم عليه ولا داعي لذلك. وقرأ الضحاك { ساجد وقائم } برفع كل على أنه خبر بعد خبر، وجوز أبو حيان كونه نعتاً لقانت وليس بذاك، والواو كما أشير إليه للجمع بين الصفتين، وترك العطف على { قَانِتٌ } قيل لأن القنوت مطلق العبادة فلم يكن مغايراً للسجود والقيام فلم يعطفا عليه بخلاف السجود والقيام فإنهما وصفان متغايران فلذا عطف أحدهما على الآخر. وتقديم السجود على القيام لكونه أدخل في معنى العبادة، وذهب المعظم إلى أنه أفضل من القيام لحديث «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» وقوله تعالى: { يَحْذَرُ ٱلأَخِرَةَ } حال أخرى على التداخل أو الترادف أو استئناف وقع جواباً عما نشأ من حكاية حاله كأنه قيل ما باله يفعل ذلك؟ فقيل: يحذر الآخرة أي عذاب الآخرة كما قرأ به ابن جبير. { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ } فينجو بذلك مما يحذره ويفوز بما يرجوه كما ينبىء عنه التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضمير الراجي لا أنه يحذر ضر الدنيا ويرجو خيرها فقط.

وإما منقطعة وما فيها من الإضراب للانتقال من التبكيت بتكليف الجواب الملجيء إلى الاعتراف بما بينهما من التباين البين كأنه قيل: بل أمن هو قانت الخ، وقدر الزمخشري كغيره مثلك أيها الكافر. وقال النحاس: أم بمعنى بل ومن بمعنى الذي والتقدير بل الذي هو قانت الخ أفضل مما قبله. وتعقبه في «البحر» بأنه لا فضل لمن قبله حتى يجعل هذا أفضل بل يقدر الخبر من أصحاب الجنة لدلالة مقابله أعنيإنك مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } [الزمر: 8] عليه ولا يبعد أن يقدر أفضل منك ويكون ذلك من باب التهكم.

وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة والأعمش وعيسى وشيبة والحسن في رواية { أمن } بتخفيف الميم وضعفها الأخفش وأبو حاتم ولا التفات إلى ذلك، وخرجت على إدخال همزة الاستفهام التقريري على من والمقابل محذوف أي أألذي هو قانت الخ خير أم أنت أيها الكافر؟ ومثله في حذف المعادل قوله:

السابقالتالي
2 3