الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

{ قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِيعاً } لعله كما قال الإمام رد لما يجيبون به وهو أن الشفعاء ليست الأصنام أنفسها بل أشخاص مقربون هي تماثيلهم. والمعنى أنه تعالى مالك الشفاعة كلها لا يستطيع أحد شفاعة ما إلا أن يكون المشفوع [له] مرتضى والشفيع مأذوناً له وكلاهما مفقودان هٰهنا. وقد يستدل بهذه الآية على وجود الشفاعة في الجملة يوم القيامة لأن الملك أو الاختصاص الذي هو مفاد اللام هنا يقتضي الوجود فالاستدلال بها على نفي الشفاعة مطلقاً في غاية الضعف.

وقوله تعالى: { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } استئناف تعليلي لكون الشفاعة جميعاً له عز وجل كأنه قيل: له ذلك لأنه جل وعلا مالك الملك كله فلا يتصرف أحد بشيء منه بدون إذنه ورضاه فالسماوات والأرض كناية عن كل ما سواه سبحانه. وقوله تعالى: { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } عطف على قوله تعالى: { لَّهُ مُلْكُ } الخ وكأنه تنصيص على مالكية الآخرة التي فيها معظم نفع الشفاعة وإيماء إلى انقطاع الملك الصوري عما سواه عز وجل. وجوز أن يكون عطفاً على قوله تعالى: { لِلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ } وجعله في «البحر» تهديداً لهم كأنه قيل: ثم إليه ترجعون فتعلمون أنهم لا يشفعون لكم ويخيب سعيكم في عبادتهم. وتقديم { إِلَيْهِ } للفاصلة وللدلالة على الحصر إذ المعنى إليه تعالى لا إلى أحد غيره سبحانه لا استقلالاً ولا اشتراكاً ترجعون.