الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ }

{ صۤ } بالسكون على الوقف عند الجمهور، وقرأ أبـي والحسن وابن أبـي إسحق وأبو السمال وابن أبـي عبلة ونصر بن عاصم { صاد } بكسر الدال؛ والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين وهو حرف من حروف المعجم نحو { ق } و { ن }. وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه أمر من صادي أي عارض، ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت الأول ويقابله بمثله في الأماكن الخالية والأجسام الصلبة العالية، والمعنى عارض القرآن بعملك أي إعمل بأوامره ونواهيه، وقال عبد الوهاب: أي أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن، وقيل هو أمر من صادى أي حادث، والمعنى حادث القرآن، وهو رواية عن الحسن أيضاً وله قرب من الأول.

وقرأ عيسى ومحبوب عن أبـي عمرو وفرقة { صاد } بفتح الدال، وكذا قرؤا قاف ونون بالفتح فيهما فقيل هو لالتقاء الساكنين أيضاً طلباً للخفة، وقيل هو حركة إعراب على أن { صاد } منصوب بفعل مضمر أي اذكر أو اقرأ صاد أو بفعل القسم بعد نزع الخافض لما فيه من معنى التعظيم المتعدي بنفسه نحو الله لأفعلن أو مجرور بإضمار حرف القسم، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بناء على أنه علم للسورة، وقد ذكر الشريف أنه إذا اشتهر مسمى بإطلاق لفظ عليه يلاحظ المسمى في ضمن ذلك اللفظ وأنه بهذا الاعتبار يصح اعتبار التأنيث في الاسم.

وقرأ ابن أبـي إسحق في رواية { صاد } بالجر والتنوين، وذلك إما لأن الثلاثي الساكن الوسط يجوز صرفه بل قيل إنه الأرجح، وإما لاعتبار ذلك اسماً للقرآن كما هو أحد الاحتمالات فيه فلم يتحقق فيه العلتان فوجب صرفه، والقول بأن ذاك لكونه علماً لمعنى السورة لا للفظها فلا تأنيث فيه مع العلمية ليكون هناك علتان لا يخلو عن دغدغة.

وقرأ ابن السميفع وهٱرون الأعور والحسن في رواية { صاد } بضم الدال، وكأنه اعتبر اسماً للسورة وجعل خبر مبتدأ محذوف أي هذه صاد. ولهم في معناه غير متقيدين بقراءة الجمهور اختلاف كأضرابه من أوائل السور، فأخرج عبد بن حميد عن أبـي صالح قال: سئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن { ص } فقالا: ما ندري ما هو، وهو مذهب كثير في نظائره، وقال عكرمة: سأل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن { صۤ } فقال: ص كان بحراً بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار. وقال ابن جبير: هو بحر يحيـي الله تعالى به الموتى بين النفختين، والله تعالى أعلم بصحة هذين الخبرين. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال { صۤ } صدق الله، وأخرج ابن مردويه عنه أنه قال: { صۤ } يقول إني أنا الله الصادق، وقال محمد ابن كعب القرظي: هو مفتاح أسماء الله تعالى (صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد).

السابقالتالي
2 3